للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشافعي: «نهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن كَسْب الحَجَّام وإرْخَاصُهُ في أن يطعمه النَّاضِحَ والرَّقِيق. قال (١): لا معنى [له] إلا واحد: وهو أنّ من المكاسب دَنِيَّا وحسناً (٢)، وكان كسب الحجام دنيا، فأحبّ له تنزيه نفسه عن الدناءة؛ لكثرة المكاسب التي هي أجمل منه، فلما رَادَّه (٣) فيه أمره أن يُعْلفه نَاضِحَه ويطعمه رقيقه تنزيهاً له، لا تحريماً عليه.

قال (٤): و [لو] كان حراماً لم يجز لِمُحَيّصَة (٥) أن يملك حراماً، ولا يعلفه


(١) كذا بالأصول وهو غير مستقيم: والصواب ما جاء في اختلاف الحديث بهامش الأم ٧/ ٣٤٤ «قال [الشافعي]: فان قال قائل: فما معنى نهى رسول الله، وإرخاصه في أن يطعمه الناضج والرقيق؟ قيل له: لا معنى له إلا واحد ... الخ.
وانظر الأحاديث التي رواها الشافعي في كسب الحجام في اختلاف الحديث بهامش الأم ٧/ ٣٤٣ - ٣٤٤ وترتيب مسند الشافعي ٢/ ١٦٦.
(٢) في ح: «وخبيثا».
(٣) في اختلاف الحديث ص ٣٤٤ «هي أجمل فلما زاده فيه» وقد روى الشافعي في اختلاف الحديث عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن حرام بن سعد بن محيصة: أن محيصة سأل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن كسب الحجام، فنهاه عنه، فلم يزل يكلمه حتى قال له: أطعمه رقيقك، وأعلفه ناضحك».
(٤) في اختلاف الحديث ص ٣٤٤ بعد أن أورد عدة أحاديث: «ليس في شيء من هذه الأحاديث مختلف ولا ناسخ ولا منسوخ. فهم قد أخبرونا أنه قد أرخص لمحيصة أن يعلفه ناضحه ويطعمه رقيقه. ولو كان حراناً لم يجز رسول الله - والله أعلم - لمحيصة أن يملك حراماً ...».
(٥) في ا: «لمريضه» وفي هـ: «لمرتقيه» وفي ح: «لمحصه» وعليها علامة الخطأ. وفي هامشها «طريعه» وكتب فوقها «ح».
وهو محيصة بن مسعود بن كعب الأنصاري الحارثي، يكنى أبا سعد. أسلم قبل الهجرة، وبعثه رسول الله إلى أهل فدك يدعوهم إلى الإسلام. وشهد أحداً والخندق وما بعدهما من المشاهد كلها، وعلى يده أسلم أخوه الأكبر حويصة. وسبب ذلك: أن الرسول لما أمر يقتل اليهود وثب محيصة على ابن سبينة اليهودي - وكان يلابسهم =