للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورجح في القديم أقوال غيرهم من الصحابة بالكثرة، فإن تكافئوا فبأَحسنها مخرجاً.

قال الشافعي (١): والأمر في الكتاب والسنة وكلام الناس يحتمل معاني:

أحدها: أن يكون الله، عز وجل، حرم شيئاً ثم أباحه فكان أمره إحلال ما حرم، كقوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا (٢)} وكقوله: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ (٣)} وكقوله: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)} وكقوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ (٥)} وأشباه لهذا كثيرة (٦). ليس حتما أن يصطادوا إذا أحلوا، ولا ينتشروا للطلب للتجارة إذا صلّوا، ولا ياكل من صداق امرأته إذا طابت منه نفسا، ولا يأكل من بُدْنته إذا نحرها.

قال (٧): ويحتمل أن يكون دلّهم على ما فيه رشدهم، ويحتمل أن يكون حتما، وفي كل الحتم من الله الرشد، فقال بعض أهل العلم: الأمْرُ كلّه على الإباحة والدلالة على الرشد، حتى توجد الدلالة من الكتاب، أو السنة، أو الاجماع، على


(١) في الأم ٥/ ١٢٧ في باب ما جاء في أمر النكاح: قال الله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} والأمر. . الخ.
(٢) سورة المائدة ٢
(٣) سورة الجمعة ١٠
(٤) سورة النساء ٤
(٥) سورة الحج ٣٦
(٦) في الأم بعد هذا: «في كتاب الله وسنة نبيه وليس حتما».
(٧) الأم ٥/ ١٢٧.