للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشافعي: الإيمان عمل لله، والقول بعض ذلك العمل.

قال الرجل: صف لي ذلك؛ حتى أفهمه.

قال الشافعي: إن للإيمان حالات ودرجاتٍ وطبقاتٍ، فمنها التام المُنْتَهِي تمامه، والناقص البيِّن نقصانه، والراجح الزائد رجحانه.

قال الرجل: وإن الإيمان ليتمّ وينقص، ويزيد؟ قال الشافعي: نعم.

قال: وما الدليل على ذلك؟

قال الشافعي: إن الله، جل ذكره، فرض الإيمان على جوارح بني آدم، فقسمه فيها، وفرقه عليها، فليس من جوارحه جارحة إلا وقد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها، بفرض من الله تعالى:

فمنها: «قلبه» الذي يعقل به، ويفقه، ويفهم، وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح، ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره.

ومنها: «عيناه» اللتان ينظر بهما، و «أذناه» اللتان يسمع بهما، و «يداه» اللتان يبطش بهما، و «رجلاه» اللتان يمشي بهما و «فرجه» الذي البَاهُ من قِبَلِه (١)، و «لسانه» الذي ينطق به، و «رأسه» الذي فيه وجهه.

فرض على «القلب» غير ما فرض على «اللسان»، وفرض على «السمع» غير ما فرض على «العينين»، وفرض على «اليدين» غير ما فرض على «الرجلين»، وفرض على «الفرج» غير ما فرض على «الوجه».


(١) في ا: «قلبه».