للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«وفرض على الرجلين»: أن لا يمشي بهما إلى ما حرّم الله، جل ذكره، فقال في ذلك: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} (١).

«وفرض على الوجه»: السجودَ لله بالليل والنهار، ومواقيت الصلاة، فقال في ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢)} وقال: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (٣)} يعني بالمساجد: ما يسجد عليه ابن آدم في صلاته، من الجبهة وغيرها.

قال: فذلك ما فرض الله على هذه الجوارح.

وسمى الطهورَ والصلواتِ إيماناً في كتابه، وذلك حين صَرفَ اللهُ، تعالى، وجهَ نبيه، صلى الله عليه وسلم، من الصلاة إلى بيت المقدس، وأمره بالصّلاة إلى الكعبة. وأن المسلمون قد صّلوا إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، فقالوا: يا رسول الله، أرأيت صلاتنا التي كنا نصليها إلى بيت المقدس، ما حالها وحالنا؟ فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٤)} فسمّى الصلاَة إيماناً، فمن لقى الله حافظاً لصلواته، حافظاً لجوارحه، مؤدياً بكل جارحة من جوارحه ما أمر الله به وفرض عليها – لقى اللهَ مستكملَ الإيمان من أهل الجنة، ومن كان لشيء منها تاركا مُتعمِّداً مما أمر الله به – لقى اللهَ ناقصَ الإيمان. قال: وقد عرفت نقصانه وإتمامه، فمن أين جاءت زيادته؟


(١) سورة الإسراء: ٣٧.
(٢) سورة الحج: ٧٧.
(٣) سورة الجن: ١٨.
(٤) سورة البقرة: ١٤٣.