للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني نصر بن محمد الصوفي قال: سمعت عبد الرحمن (١) بن حفص الصوفي يقول: سمعت أبا علي الروذباري يقول: سمعت ابن بحر يقول:

سمعت المزني يقول: دار بيني وبين رجل مناظرة فسألني عن كلام كاد أن يشكِّكَني في ديني؛ فجئت إلى الشافعي، فقلت له: كان من الأمر كيت وكيت. قال: فقال لي: أين أنت؟ فقلت: أنا في المسجد، فقال لي: أنت في مثل «تاران (٢)» تلطمك أمواجه. هذه مسألة الملحدين والجواب فيها كيت وكيت، ولَأَن يبتلي العبد بكل ما خلق الله من مضارّه (٣) خير له من أن يبتلى بالكلام.

قلت: «تاران» في بحر القلزم يقال: فيها غرق فرعون وقومه، فشبه الشافعي المزني فيما أورد عليه بعضُ أهل الإلحاد ولم يكن عنده جواب، بمن ركب البحر في الموضع الذي أغرق الله فيه فرعونَ وقومه وأشرف على الهلاك، ثم علّمه جواب ما أُورد عليه حتى زالت عنه تلك الشبهة، وفي تلك دلالة على حسن معرفته بذلك، وأنه يجب الكشف عن تمويهات أهل الإلحاد عند الحاجة إليه، وأراد بالكلام: ما وقع فيه أهل الإلحاد من الإلحاد، وأهل البدع من البدع. والله أعلم.


(١) في ا: «سمعت قسم عبد الرحمن».
(٢) «تاران» جزيرة في بحر القلزم بين القلزم وأيلة وهو أخبث مكان في هذا البحر. فيه دوران ماء في سفح جبل إذا وقع الريح على ذروته انقطع الريح قسمين فيلقي المركب بين شعبتين من هذا الجبل متقابلتين. فتخرج الريح من كليهما فيثور البحر على كل سفينة تقع في ذلك الدوران. راجع معجم البلدان ٢/ ٣٥٢ – ٣٥٣.
(٣) في ا: «من مضرّه».