للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو الطيب الفقيه قال: حدثنا أبو جعفر الأصبهاني قال: حدثنا أبو يحيى: زكريا بن يحيى قال: حدثنا أبو داود - يعني السِّجْستاني - قال:

حدثنا أبو ثور قال: سمعت الشافعي يقول: من ارتدى بالكلام لم يفلح (١).

وإنما يعني - والله أعلم - كلام أهل الأهواء الذين تركوا الكتاب والسنة، وجعلوا مُعَوَّلهم عقولهم، وأخذوا في تَسْوِيَة الكتاب عليها. وحين حُمِلت إليهم (٢) السنة بزيادة بيان لنقض أقاويلهم - اتهموا رواتها، وأعرضوا عنها.

فأما أهل السنة فمذهبهم في الأصول مبني على الكتاب والسنة. وإنما أخذ من أخذ منهم في العقل إبطالا لمذهب من زعم أنه غير مستقيم على العقل. وبالله التوفيق.

ولاستحباب الشافعي ومن كان في عصره من أئمتنا تَرْكَ الخوض في الكلام، وترك الاشتهار به عند الاستغناء عنه - معنى آخر، وهو: أن الشافعي حين قدم العراق في خلافة «الرشيد» كان قد دخل على المأمون باستدعائه دخوله عليه، ورأى تقريبه (٣) بشر المريسي وأمثاله من أهل البدع. وحين عاد إلى العراق في خلافة «المأمون» شاهد غلبة أهل الأهواء على مجلسه، وأحس


(١) راجع آداب الشافعي ومناقبه ١٨٦.
(٢) في ا: «عليهم».
(٣) في ح: «بقربه».