للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سمعت أبا الوليد: حسان بن محمد يقول: سمعت جعفر بن أحمد الساماني يقول:

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، سمعت المزني يقول: دخلت على الشافعي، وهو عليل فقلت: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال: أصبحت من الدنيا راحلا، وللإخوان مفارقا، ولسوء أفعالي ملاقيا، وعلى الله وارادا، وبكأس المنية شاربا، ولا والله ما أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أو إلى النار فأعزيها؟ ثم أنشأ يقول:

فلما قسى قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت الرجا مني لعفوك سلّما (١)

تعاظمني ذنبي فلما قرنته ... بعفوك ربي كان عفوك أعظما

وأيقنت أن العفو منك سجية ... تجود وتعفو منَّة وتكرُّما (٢)

فلولاك لا يغوى بإبليس عالم ... فكيف وقد أغوى صفيَّك آدما (٣)

وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، سمعت أبا الوليد الفقيه يقول:

سمعت جعفر بن أحمد الساماني يحكي عن المزني، وأخبرنا أبو عبد الرحمن قال: وسمعت أبا العباس: محمد بن الحسن يقول: سمعت عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري يقول: سمعت المزني يقول:

دخلت على الشافعي في مرضه الذي مات فيه فقلت له: يا أبا عبد الله، كيف أصبحت؟ فذكر الحديث غير أنه قدم قوله: «وبكأس المنية شارباً» على قوله: «وعلى الله واردا، ولسوء فعالي ملاقياً» وقال في البيت الأول:


(١) في تاريخ دمشق: «من نحو عفوك» وفيه وفي المناقب قبل هذا:
إليك إله الخلق أرفع رغبتي ... وإن كنتُ ياذا الجود والمن مجرما
(٢) في تاريخ دمشق: ومازلت ذا عفو على الذنب لم تزل ... تجود. . .» وانظر التوالي ص ٨٣.
(٣) في تاريخ دمشق: «بإبليس عابد». والأبيات في المناقب للرازي ١١٢، وفي تاريخ دمشق ١٠/ ٢١٠ - ا، وطبقات الشافعية ١/ ٢٩٦.