للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصير؟ ففكّرت فيمن يقوم بي من قريش وغيرهم، ثم قلت: ما أجد لي خيرا من أن أصير إلى اليمن. قال: فتجهزت وخرجت إليها، فأتيت صنعاء فسألت عن رجل من أهل اليمن ممن يُؤْثَر، فوصف لي رجل وسمى لي موضعه، فخرجت نحوه حتى أتيت منزله، فإذا برجل قاعد وإذا بجماعة وإذا له دار ضيافة، فعدل بي إلى دار الضيافة فدخلت مع الضيفان، ثم أنه أقبل إلينا، فأرسل إليّ رسولا فسألني من أنا فأخبرته بنسبي، فحوّلني من ذلك الموضع إلى موضع وراءه فأقمت ثلاثة أيام لا يسألني عن شيء أكثر من أن يجيء (١) فيسلم، ثم ينصرف. قال: فلما كان اليوم الرابع سألني: أضيف أنا أم زائر؟ فقلت (٢): زائر. فحوَّلني من ذلك المكان إلى مجلس وغيره، فكان يأتيني في كل وقت، ويؤانسنى وأؤانسه، فلما طال مكثي عنده أتاني، فقال لي: لعلك تريد الرجوع فقلت إلى أهلك؟: أي والله، لقد اشتقت إلى منزلي، فلم أعلم حتى أتاني بدنانير كثيرة وطرائف، وخرجت وخرج معي حتى جاز موضعا من مواضعهم فودّعني ثم رجع إلى منزله، فأقبلت إلى منزلي بما أجازني، وأعطاني، فأقمت دهرا أتمناه أن يوافيني بمكة فكنت أسأل عنه كل حين من يقدَمُ من تلك الناحية، حتى قدم رجل من مِخْلافِه (٣) فسألته عنه، فأخبرني بقدومه، فأتيته وسلمت عليه، ثم إني صرت إلى منزلي فأمرتهم فأصلحوا لي المنزل وما يحتاج إليه وبحرت (٤) بيتا واسطوانة، ثم أتيته فسألته أن يصير إلى منزلي، فكأنه تلكَّأَ، فلم أزل به (٥) حتى صار معي إلى المنزل، فلما صرنا إلى المنزل جلس في الاسطوانة ولم يدخل البيت، فلم


(١) في ا: «مما يجيء».
(٢) في ح: «فأخبرته أني زائر».
(٣) في اللسان ١٠/ ٤٣٢: قال ابن بري: المخالف لأهل اليمن كالأجناد لأهل الشام، والكور لأهل العراق، والرساتيق لأهل الجبال، والطاسيج لأهل الأهواز.
(٤) في ا: «يحدث» وبجر البيت: وسعه.
(٥) من ح.