للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقلت: ألا أُدْخِلُ عليك طبيباً؟ فقال: افعل. فأدخلت عليه طبيبا نصرانيا، فجسّ يده فحسّ الشافعي بالعلّة في يد الطبيب، فجعل الشافعي يقول:

جاء الطبيب يجسّني فجسسته ... فإذا الطبيب لِمَا بِهِ من حالي

وغَدَا يعالجني بطول سقامه ... ومن العجائب أعمش كَحَّالي

قال المزني: فما مضت الأيام والليالي حتى مات المُتَطَبِّبُ، فقيل للشافعي: قد مات المتطبب، فجعل يقول:

إنّ الطبيب بطبِّه ودوائِه ... لا يستطيع دفاع مقدور القضا (١)

ما للطبيب يموت بالداء الذي ... قد كان يبرئ مثله فيما مضى

هَلَكَ المدَاوِي والمُدَاوَى والذي ... جَلَبَ الدواء وباعَه ومن اشترى

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني الحسين (٢) بن محمد الدارمي قال: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال:

قال الربيع بن سليمان لما كان مع المغرب ليلة مات الشافعي قال له ابن عمه ابن (٣) يعقوب: ننزل نصلّي؟ قال: تجلسون تنتظرون خروج نفسي؟ فنزلنا ثم صعدنا فقلنا: صلّينا أصلحك الله. قال: نعم فاستسقى - وكان شتاء - فقال له ابن عمه: أمزجه بالماء المُسَخَّن؟ فقال له الشافعي رحمه الله: لا، بل بِرُبِّ السَّفَرْجَل. وتوفي مع العشاء (٤) الآخرة، رحمة الله عليه.

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو عبد الرحمن السّلمي؛ قالا: سمعنا محمد بن يعقوب يقول:


(١) في ا: «مقدور أني».
(٢) في ح: «الحسن».
(٣) في ح: «ابن عمه يعقوب».
(٤) في ا: «عشاء» والخبر في حلية الأولياء ٩/ ٦٨ وآداب الشافعي ومناقبه ٧٩ - ٨٠.