للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال لي: اتق الله، ومَثِّل الآخرة في قلبك، واجعل الموت نُصْبَ عَيْنَيْكَ، ولا تنس موقفك بين يدي الله عز وجل، وكن من الله تعالى عَلى وَجَلٍ، واجتنب محارمَه، وأدِّ فرائضه، وكن مع الحقّ حيث كان، ولا تستصغرنّ نعم الله عليك وإن قَلَّت، وقَابِلْها بالشكر. وليكن صمتك تفكّرا، وكلامك ذكرا، ونظرك عبرة. اعف عمن ظلمك، وصل من قطعك، وأحسن إلى من أساء إليك، واصبر على النائبات، واستعذ بالله من النار بالتقوى

فقلت: ليكن الصدّق لِسَانَك، والوفاء عِمادَك، والرحمة ثمرتك، والشكر طهارتك، والحق تجارتك، والتودّد زينتك، والكتاب فطنتك، والطاعة معيشتك، والرضا أمانتك، والفهم بصيرتك، والرجاء اصطبارك، والخوف جِلْبَابك، والصدقة حِرْزك، والزكاة حصنك، والحياء أميرك، والحلم (١) وزيرك، والتوكلّ درعك، وتكون الدنيا سجنك، والفقر ضَجِيعك، والحقّ قائدك، والحجّ والجهاد بغيتك، والقرآن محدّثك، والله مؤنسك. فمن كانت هذه صفته كانت الجنة منزلته

أخبرنا محمد بن عبد الله الضَّبِّي قال: أخبرني نصر بن محمد العطار قال: حدثني عمر بن عبد الله البغدادي قال: حدثني بعض أصحابنا قال:

قال المزني: دخلت على الشافعي في بعض علله قلت له: كيف أصبحت؟

فقال: أصبحت بين أمر ونهي، أصبحت آكل رزقي وأنتظر أجلي.


(١) في ح: «والحكم».