للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ماله، ويظهره ضامرا هزيلا بين أولئك الأغنياء المترفين الذين أتخمهم المال وسمنهم.

ولكن يبدو أن هذا المعنى لا يعبر عن المفهوم اللغوي للكلمة تعبيرا دقيقا كاملا، ولهذا نريد أن نقف وقفة أخرى عند تلك الزيادة التي أضافها الأزهري إلى هذا المعنى اللغوي، وهي قوله "ولا اعتماد"، لنرى ماذا يستفيد المعنى منها؟ وإلى أي مدى تحدد هذه المعنى وتكمله؟ والمعنى اللغوي لهذه العبارات واضح، فاعتمد على الشيء: توكأ أو اتكأ عليه، واعتمد عليه في كذا: اتكل عليه١. وعلى هذا نستطيع أن نقول إن الصعلوك في اللغة هو الفقير الذي لا مال له يستعين به على أعباء الحياة، ولا اعتماد له على شيء أو أحد يتكئ عليه أو يتكل عليه ليشق طريقه فيها، ويعينه عليها، حتى يسلك سبيله كما يسلكه سائر البشر الذين يتعاونون على الحياة، ويواجهون مشكلاتها يدا واحدة. أو هو -بعبارة أخرى- الفقير الذي يواجه الحياة وحيدا، وقد جردته من وسائل العيش فيها، وسلبته كل ما يستطيع أن يعتمد عليه في مواجهة مشكلاتها. فالمسألة إذن ليست فقرا فحسب، ولكنها فقر يغلق أبواب الحياة في وجه صاحبه، ويسد مسالكها أمامه.

هذا هو التعريف اللغوي للكلمة كما نراه في ضوء هذه المحاولة اللغوية لفهم المادة. ونريد -بعد هذا- أن نتتبع هذه المادة في الاستعمال الأدبي القديم في العصر الذي ندرسه لنرى كيف دارت فيه؟ وإلى أي مدى يطابق هذا الاستعمال معناها كما سجله علماء اللغة أو يختلف عنه؟


١ لسان العرب: مادة "عمد".

<<  <   >  >>