للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو يقنعون مجتمعهم بأنهم على حق في حركتهم. وساعدهم على هذا ما كان يجده هذا الشعر من إعجاب في الأوساط الشعبية التي كانت تفتن بهذا اللون من الشعر، بما فيه من غرابة، وما فيه من بطولة، ولأنه تعبير عن أشياء لعلهم أكثر من يحسونها ويشعرون بها. ولعل شعر عروة بن الورد وصل إلينا أكثره عن طريق هذا المصدر؛ لأن عروة كان يمثل شخصية الزعيم الشعبي صاحب المذهب الذي يحرص على أن يضم إليه أكبر عدد ممكن من الأنصار، ولعل هذا هو السبب في أن شعر عروة هو أكبر مجموعة من شعر الصعاليك وصلت إلينا.

أما تلك المجموعة من الشعر التي نظمها الصعاليك المخضرمون بعد ظهور الإسلام، والتي يصح أن نطلق عليها "شعر ما بعد الصعلكة"، فإن شأنها شأن سائر الشعر في ذلك العصر، رواها الروة كما رووه، وحفظوها كما حفظوه؛ إذ أن الصعاليك المخضرمين قد ودعوا حياة التصعلك بعد ظهور الإسلام وشاركوا في الحياة الجديدة كما شارك غيرهم.

عن طريق هذه المصادر وصل إلينا شعر الصعاليك. ويبدو أن بعض رواة الشعر العربي قد تنبهوا إلى أن هذا الشعر يكون مجموعة متشابهة المقومات الفنية، فعملوا على جمعه في دواوين خاصة به١. ولكن مع الأسف الشديد لم يصل إلينا من هذه الدواوين إلا أسماؤها وأسماء مؤلفيها، أما هي فقد ضاعت مع ما ضاع من التراث العربي القديم، وليس بين أيدينا الآن من هذه الدواوين -فيما أعرف- سوى قطعة من "كتاب أشعار اللصوص" لأبي سعيد السكري الذي أشار إليه البغدادي في مقدمة الخزانة بين الكتب التي اعتمد عليها في تأليفها٢، والذي ذكره ابن النديم من بين مؤلفات السكري٣، ويذكر بركلمان أن هذه القصة هي ديوان طهمان من العصر الأموي، وأن


١ انظر ما ورد في فهارس معجم الأدباء لياقوت عن كتب أشعار اللصوص والشطار والفتيان والفتاك "جزء ٢٠".
٢ خزانة الأدب ١/ ١٠.
٣ الفهرست/ ٧٨.

<<  <   >  >>