للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دائرة البشرية إلى دائرة يكون فيها صنوا للموت:

متى ما تلقني ومعه سلاحي ... تلاق الموت ليس له عديل١

ويصف الشعراء الصعاليك أسلحتهم المختلفة وصف المفتون بها الذي يهتم بكل أجزائها، ويحرص على أن يسجل في حديثه عنها كل شيء فيها: لونها، وشكلها، وصوتها، وطريقة صنعها، وطريقة استخدامها، وقيمتها في حياته، وفعلها في أعدائه.

فالسيف عند عمرو بن براقة "جل ماله" لا يفارق يمينه، بل هو طوع أمرها، ولكن لحمله تقاليد، فصاحبه يجب أن لا ينام الليل؛ إذ إن من تقاليد حمله أن يكون صاحبه من "أبناء الليل" الذين يرعون حق "أبوته":

وكيف ينام الليل من جل ماله ... حسام كلون الملح أبيض صارم

غموض إذا عض الكريهة لم يدع ... له طعما، طوع اليمين ملازم٢

وهو عنده أحد أركان ثلاثة يعتمد عليها من يريد أن تجتنبه المظالم في ذلك المجتمع الذي يدين بشريعة القوة:

متى تجمع القلب الذكي وصارما ... وأنفا حميا تجتنبك المظالم٣

وهو عند عمرو ذي الكلب الهذلي وشاح لصدره:

نمناني وأبيض مشرفيا ... وشاح الصدر أخلص بالصقال٤

وصخر الغي الهذلي حريص على أن يرسم لسيفه صورة دقيقة، فهو سيف من حديد جيد أصيل، رقيق الشفرتين، يجري الفرند في متنه، ثم هو سيف منتقى، فلا عنه سيوف أريح حتى أخرجه من بينها سيف معدوم النظير، لا تقوى أشد العظام على ضربته، وإنما تتكسر تحتها قطعا:

وصارم أخلصت خشيبته ... أبيض مهو في متنه ربد


١ المصدر السابق/ ٦٣.
٢ القالي: الأمالي ٢/ ١٢٢، والأغاني ٢١/ ١٧٥، وفيه "صموت" مكان "غموض"، "مكارم" مكان "ملازم". السيف الغموض: الذي يغيب في اللحم.
٣ المصدران السابقان: الأمالي الصفحة نفسها، والأغاني/ ١٧٦.
٤ شرح أشعار الهذليين ١/ ٢٣٥.

<<  <   >  >>