للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلوت عنه سيوف أريح إذ ... باء بكفي ولم أكد أجد

فهو حسام تتر ضربته ... ساق المذكي فعظمها قصد١

أما تأبط شرا فيعرض علينا صورة طريفة لسيفه، فهو -إلى جانب أنه حاد ثقيل لا يفارقه حتى أبلى محمله- سيف أصيل إذا كل لا يحتاج إلى صيقل، وإنما حسبه أن يحده صاحبه على الصخر فإذا هو حاد كما كان:

فطار بقحف ابنه الجن ذو ... سفاسق قد أخلق المحملا

إذا كل أمهيته بالصفا ... فحد ولم أره صيقلا٢

وأما الشنفرى فيهتم بأثر سيفه في أعدائه، وبالحديث عن براعته في استخدامه، فهو يقصد به أطراف سواعدهم، ليعجزهم بذلك عن العمل:

وأبيض من ماء الحديد مهند ... مجذ لأطراف السواعد مقطف٣

وهو حريص على أن يصور رفاقه ونفسه في غاراتهم وهم يستخدمون سيوفهم في الهجوم والدفاع حتى ينهزم أعداؤهم:

فشن عليهم هزة السيف ثابت ... وصمم فيهم بالحسام المسيب

وظلت بفتيان معي أتقيهم ... بهن قليلا ساعة ثم خيبوا٤

ولا يعدل وصف السيف عند الشعراء الصعاليك إلا وصفهم القوس والسهام. وأكثر من اهتم بوصفها منهم الشنفرى والهذليون. ويبدو أن مرد هذه الظاهرة الفنية إلى ظواهر اجتماعية خاصة في حياتهم، فقد كان الشنفرى -كما يصوره الرواة مفتونا بسهامه، حريصا على أن تكون معلمة يعرفها الناس،


١ المصدر السابق/ ١٣ خشيبته: طبيعته. مهو: رقيق الشفرتين. ربد: أي لمع تخالف لونه، يريد الفرند. فلا: بحث. أريح: قرية بالشام. باء بكفي: أي صار بكفي. تتر: تبري. المذكي: المسن أو اليدين. القصد: الكسر، أو القطع فيها مخ.
٢ ابن قتيبة: الشعر والشعراء/ ١٧٦ - سفاسق السيف: طرائفه. أمهى السيف: أحده.
٣ ديوانه في الطرائف الأدبية/ ٣٨. وديوانه المصور لوحة رقم ٥٠. والأغاني ٢١/ ١٤١ وفيه "فحد لأطراف السواعد معطف". والتحريف فيه واضح.
٤ الأغاني ١٨/ ٢١٦، وديوان الشنفرى في الطرائف الأدبية /٣٢ - لضمير في "بهن" يعود على السيوف المفهومة من السياق.

<<  <   >  >>