للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن حيوان الصحراء ووحشها وطيرها وحشراتها وما يخيل للساري فيها من أشباح.

وحين نستعرض مجموعة شعر الصعاليك التي بين أيدينا نجد أنهم تعرضوا بالذكر لسبعة وعشرين نوعا من هذه الفصائل السابقة: الذئب، والضبع، والسمع، والنمر، والأسد، والثعلب، والضب، ثم حمار الوحش، والنعام، والوعول، والظباء، والأرانب، ثم الحيات، والعظايا، ثم النسر، والصقر، والعقاب، والغراب، والبوم، والسماني، والقمري، والقطاة، والهدهد، ثم النحل، والجراد، ثم الجن، والغيلان.

ومن الطبيعي ألا يتحدث الشعراء الصعاليك عن هذه الأنواع جميعا بدرجة واحدة، فإن بعضها أقرب إلى طبيعة حياتهم، وأدل على تصويرها، وأصلح للانتفاع به في فنهم من بعضها. ومن هنا تفاوت اهتمام الشعراء الصعاليك بهذه لأنواع تفاوتا كبيرا.

وقد رأينا كيف استغل العداءون منهم تلك المجموعة من الحيوان السريع العدو في حديثهم عن سرعة عدوهم استغلالا رائعا ممتازا، ورأينا تأبط شرا يذكر في بعض شعره أن وحش الصحراء قد ألفته ولم تعد تشخاه أو تنفر منه، كما رأينا الشنفرى، وهو يصف الوادي البعيد الذي اعتسفه، يذكر أنه موطن للجن والآساد.

ولكن الأمر لا يقف بالشعراء الصعاليك عند هذا الحد، بل يتجاوز ذلك أحيانا إلى تعرضهم لبعض هذه الأنواع بالوصف الدقيق المفصل، الأمر الذي لا يتهيأ إلا لمن اتصل بها اتصالا قريبا عرف منه طبائعها وعاداتها.

ففي شعر عروة وصف للأسد، فهو عريض الساعدين عريض الصدر، رابض فوق أجمة يتساقط قصبها فوق ظهره، ولكن إذا بدت له فريسة فما هي إلا وثبة واحدة حتى يقتنصها، أما زئيره فيشبه صوت الرعد:

تبغاني الأعداء إما إلى دم ... وإما عراض الساعدين مصدرا

بظل الأباء ساقطا فوق متنه ... له العدوة الأولى إذا القرن أصحرا

<<  <   >  >>