للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأن خوات الرعد رز زئيره ... من اللاء يسكن الغريف بعثرا١

وتستأثر الضباع بجزء كبير من شعر الأعلم، وهو يصفها وصفا دقيقا، ويصف جراءها، وفعلهن بفريسنهن، فالضبع غليظة لها ثماني جواعر خلف أظلافها شعرات مجتمعة، وفويق هذه الشعرات دوائر مثل الخلاخيل يخالف لونها سائر لون الأرجل:

عشنزرة جواعرها ثمان ... فويق زماعها خدم حجول٢

ويصف جراءها، وانتفاخ بطونهن، وسواد جلودهن كأنما ارتدين ثياب رهبان، وقصر آذانهن العريضة التي تشبه المغارف، وما يفعلنه بالفريسة المسكينة التي تجر أمهن إليهن لحمها، وكيف ينتزعن جلدها كما ينزع القيون بطائن الجفون البالية:

وتجر مجرية لها ... لحمي إلى أجر حواشب

سود سحاليل كأن ... جلودهن ثياب راهب

آذانهن إذا احتضر ... ن فريسة مثل المذانب

ينزعن جلد المرء نز

... ع القين أخلاق المذاهب٣

وهي صورة يخشاها تأبط شرا أيضا، ويصورها في بعض قصائده، فالضبع تنبش الأرض عن الجيف المدفونة، ثم تنشب فيها أنيابها وبراثنها، ثم تدعو رفيقاتها وبناتها، فيسارعن إليها ليشاركنها نهشها:


١ ديوانه/ ٥٥، ٥٦ - العراض: العريض. والمصدر: العريض الصدر. والأباء: القصب. وأصحر: برز إليه. وخوات الرعد: صوته. والرز: الصوت تسمعه من بعيد ولا ترى صاحبه. والغريف: الشجر الملتف. وعثر: أرض قبل تبالة تسكنها الأسود، وتبالة بلدة من أرض تهامة جنوبي الطائف.
٢ شرح أشعار الهذليين ١/ ٦٤ - العشنزرة: الغليظة المسنة. والزماع: جمع زمعة، وهي شعرات خلف ظلف الشاة فضربه مثلا. والخدم جمع خدمة وهي لون يخالف سائر لون رجلها مثل الخلخال.
٣ المصدر السابق ١/ ٥٧، ٥٨ - مجرية: أي ضبع ذات جراء. والحواشب: المنتفخات الجنوب. والسحاليل: العظام البطون. والمذانب: المغارف التي يغرف بها. والمذاهب: بطائن مذهبه تغشى بها أجفان السيوف.

<<  <   >  >>