للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن فاز سهم للمنية لم أكن ... جزوعا، وهل عن ذاك من متأخر١

وهل يضمن الإنسان إذا تخلف عن المغامرة والمخاطرة ألا يدركه الموت وهو في عقر داره؟

لعل الذي خوفتنا من أمامنا ... يصادفه في أهله المتخلف٢

إنها مسألة مفروغ منها، لا ينبغي لأحد أن تقعد به عن هدفه وغاتيه:

ألم تعلمي يا أم حسان أننا ... خليطا زيال ليس عن ذاك مقصر

وأن المنايا ثغر كل منية ... فهل ذاك عما يبتغي القوم محصر٣

والواقع أن عروة يعد خير من يمثل هذه الظاهرة من بين الشعرء الصعاليك، وفي كثير من قصائده ومقطوعاته نرى هذا اللون من أحاديث "الفروسية"٤. وربما كان السبب في هذا راجعا إلى طبيعة مركز عروة في حركة الصعلكة الجاهلية زعيما لها، ومشرعا لفلسفتها، وواضعا لتقاليدها الاجتماعية والفنية.

وقد تنحرف هذه المقدمات أحيانا بعض الانحراف، فلا تكون حديثا بين الشاعر الصعلوك وصاحبته، وإنما تصبح حديثا من الشاعر الصعلوك إلى صاحبته، يحدثها عن شيء سوف يفعله، أو شيء قد فعله، في اعتداد وثقة بنفسه، أو في إعجاب وفخر بها:

كأن قد فلا يغررك مني تمكثي ... سلكت طريقا بين يربغ فالسرد

وإني زعيم أن ألف عجاجتي ... على ذي كساء من سلامان أو برد٥


١ ديوانه/ ٦٧.
٢ ديوانه/ ٩١.
٣ ديوانه/ ١٢٨، ١٢٩.
٤ انظر على سبيل المثال في ديوانه: القصيدة الثالثة/ ٦٣، والرابعة/ ٩١، والتاسعة/ ١٢٧، والثالثة والعشرين/ ١٦٤، والسادسة والعشرين/ ١٧٦، والثانية عشرة من الزيادات/ ٢٠٦.
٥ الشنفرى في ديوانه في طرائف الأدبية / ٣٤، والبيت الأول غير مروي في النسخة المصورة من ديوانه، وإنما تبدأ المقطوعة هناك بالبيت الثاني "لوحة رقم ١٠"، وروايته "إني لأهوى أن ألف عجاجتي".

<<  <   >  >>