للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في "المنايا" تقوم على تشبيهها بإنسان يضحك.

وأحكام الإسلام وقيوده عند أبي خراش سلاسل تطوق رقاب الصعاليك الذين أسلموا، ولكن أبا خراش يريد أن يكون مهذبا في تعبيره، فيخفي لفظة الإسلام وراء ظلاله الفنية، ويركز الضوء على المشبه به وهي السلاسل على طريقة الاستعارة التصريحية التي يرشح لها ببعض خصائص المشبه به وهي الإحاطة بالرقاب:

فليس كعهد الداريا أم مالك ... ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل١

ولكن هذه الصنعة الفنية المتمهلة المتأنية -برغم قوة أنغامها ورنين أصدائها- قليلة لا تكفي لتكوين مذهب فني خاص نبيح لأنفسنا أن نجعله من خصائص شعر الصعاليك.

وإلى جانب هذه الصنعة الفنية العميقة الدقيقة نجد آثارا ضئيلة لصنعة فنية بسيطة زاهية، هي بعض الألوان البديعية.

وقد رأينا أمثلة من الطباق في رائية تأبط شرا التي عرضنا لها منذ قليل، وحين ننظر في سائر شعره نجد أمثلة أخرى، ففي قوله:

قليل التشكي للمهم يصيبه ... كثير الهوى شتى النوى والمسالك٢

نجد طباقا لفظيا ساذجا بين "قليل" و"كثير".

وفي قوله من القصيدة نفسها:

يرى الوحشة الأنس الأنيس ويهتدي ... بحيث اهتدت أم النجوم الشوابك٣

نجد طباقا لفظيا آخر بين "الوحشة" و"الأنس".

وفي قول أبي الطمحان:

نمت بك من بني شمخ زياد ... لها ما شئت من فرع وأصل٤


١ ديوان الهذليين القسم الثاني/ ١٥٠.
٢ حماسة أبي تمام ١/ ٤٧.
٣ المصدر السابق/ ٤٩.
٤ الجاحظ: الحيوان ١/ ٣٨٠.

<<  <   >  >>