للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بجريرة يجرها أحد عليهم، مثل حاجز الأزدي١، وقيس بن الحدادية٢، وأبي الطمحان القيني٣.

وطائفة "الأغربة" السود الذين سرى إليهم السواد من أمهاتهم الإماء، فلم يعترف بهم آباؤهم العرب، ولم ينسبوهم إليهم؛ لأن دماءهم ليست عربية خالصة، وإنما خالطتها دماء أجنبية سوداء لا تصل من درجة نقائها إلى درجة الدم العربي، مثل تأبط شرا٤، والشنفرى٥، والسليك بن السلكة٦.

ثم طائفة الفقراء المتمردين الذين تصعلكوا نتيجة لتلك الظروف الاقتصادية المختلة التي كانت تسود المجتمع الجاهلي، ويمثلهم عروة بن الورد ومن كان يلتف حوله من فقراء العرب، وكذلك تلك المجموعة الكبيرة من صعاليك هذيل.

من هذه الطوائف الثلاث تألفت عصابات الصعاليك، وهي عصابات قطعت ما بينها وبين قبائلها من صلات، وانطلقت إلى الصحراء، كما تنطلق الذئاب الجائعة، لتشق لنفسها طريقا في الحياة، وقد جمع بينها -على اختلاف قبائلها- الفقر، والتشرد، والتمرد، والكفر بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي يؤمن بها المجتمع الذي خرجت عليه، والإيمان بأن الحق للقوة، وأن الضعيف ضائع حقه في هذا المجتمع.

والظاهرة الواضحة في حياة هؤلاء الصعاليك -على اختلاف الدوافع التي دفعتهم إلى حياة التصعلك- هي أنهم جميعا فقدوا توافقهم الاجتماعي. وظاهرة "التوافق الاجتماعي"٧ هي الظاهرة التي يقرر علماء الاجتماعي أنها الأساس


١ انظر الأغاني ١٢/ ٤٩ "بولاق".
٢ انظر الأغاني ١٣/ ٢ "بولاق".
٣ انظر الأغاني ١١/ ١٣٠ "بولاق".
٤ انظر السيوطي: المزهر ٢/ ٢٦٩.
٥ انظر المصدر السابق/ الصفحة نفسها.
٦ انظر المصدر نفسه/ الصفحة نفسها، وانظر أيضا ابن قتيبة: الشعر والشعراء/ ٢١٤.
٧ social adjustment.

<<  <   >  >>