وقد يقول قائل: إنك ذكرت في مناسبات كثيرة أن الاعتماد على المختصرات مضر بطالب العلم، نقول: نعم كذلك فهل في هذا تناقض؟ لا، ليس فيه تناقض، كونك تعتمد على مختصرات غيرك هذا مضر بتحصيلك، كونك تختصر أنت هذا معين لك على التحصيل، كيف؟ اعتمادك على مختصرات غيرك يجعلك تكتفي بما ذكر، ولعل فيما حذف المختصر أهم مما ذكر بالنسبة إليك، لكن إذا اختصرت أنت كان علمك بما حذفت كعلمك بما أثبت، وهذا بسطناه في مناسبات كثيرة، يعني لنا أشرطة في هذا الموضوع يعني يمكن وصلتكم في هذه المنطقة، فلا نحتاج إلى الإفاضة بمثل هذا، وهذا أيضاً مثال لما ذكرته أولاً من أن عدم الاعتماد على الكتاب يجعل الإنسان يستطرد ويسترسل وينسى الموضوع، والله المستعان.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"سورة (ق) يقول: "مكية" مكية يعني: أنها نزلت بمكة، وعلى التعبير الأدق عند أهل العلم: أن المكي ما نزل قبل الهجرة، ما نزل قبل الهجرة ولو كان خارج مكة، والمدني ما نزل بعد الهجرة ولو نزل بمكة، في عام الفتح وحجة الوداع، ومنهم من يقول: المكي ما نزل بمكة، والمدني ما نزل بالمدينة، لكن هذا يرد عليه أن ما نزل خارج مكة والمدينة ماذا يسمى؟ نعم من القرآن السفري والحضري، لكن ضبط هذه الأمور ما يمكن أن يتم بهذه الطريقة؛ لأن الفائدة من معرفة المكي والمدني معرفة المتقدم من المتأخر؛ ليعرف الناسخ من المنسوخ، فإذا قلنا: إن ما نزل قبل الهجرة وما نزل بعدها مدني عرفنا المتقدم من المتأخر، يعني ولو نزل عام الفتح بمكة شيء قلنا: مدني، ولو نزل في حجة الوداع آيات:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [(٣) سورة المائدة] هذه الآية مدنية ولو نزلت في الموقف بمكة، ليتحرر التقسيم وينضبط وتترتب عليه فائدته وهي معرفة الناسخ والمنسوخ، فالقول المعتمد عند أهل العلم: أن المكي ما نزل قبل الهجرة والمدني ما نزل بعد الهجرة.