وعلى كل حال شيخ الإسلام في هذه الآية ومثله كلام ابن القيم وابن كثير في كون المتكلم هنا بضمير (نحن) الملائكة، بدليل ما يليه، فمن فسره بأن المتكلم هو الله -جل وعلا-، وهو أقرب إلى الإنسان من حبل وريده، قرباً يليق بجلاله وعظمته كسائر صفاته الثابتة عنه وعن نبيه هذا هو الأصل، من فسره بالعلم لا سيما وأن المسألة ليست من المسائل المتفق عليها بين سلف هذه الأمة، المسائل المتفق عليها لا يسوغ لأحد الخلاف، وليست محل نظر ولا جدال، لكن ما يحصل فيه خلاف ما يحصل فيه خلاف إذن الخلاف سائغ، ما دام اختلف السلف في هذا للخلف أن يختلفوا، فمثل هذا التأويل (نحن) يعني الملائكة، أو نحن أقرب بالعلم كما يقول المؤلف، ويقول به جمع من أهل العلم، أو يكون المتحدث كما هو الأصل {وَلَقَدْ خَلَقْنَا} [(١٦) سورة ق] المتكلم هو الله -سبحانه وتعالى-، هو الذي خلق الإنسان وهو الذي أقرب إليه من حبل الوريد، والسياق يدل على هذا، {مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [(١٦) سورة ق] يقول: "الإضافة للبيان" الإضافة للبيان، حبل الوريد: الإضافة بيانية، وفيها شوب تبعيض، يعني مثل ما تقول: خاتمُ حديدٍ، خاتم حديد، خاتم حديد إضافة بيانية؛ لأننا بينا الخاتم بكونه من الحديد، وفيها شوب تبعيض كما يقول أهل العلم لأن الخاتم بعض من هذا الحديد، والحبل هنا بُين بكونه حبل الوريد، فهو يقول:"الإضافة للبيان، والوريدان عرقان بصفحتي العنق" بصفحتي العنق، عرقان بصفحتي العنق، هذه قريبة من روح الإنسان، بحيث إذا قطعا تعرضت حياته للزوال، وهما أيضاً قريبان وارتباطهما بالقلب ارتباطاً وثيقاً، فالله -جل وعلا- على ما يدل عليه السياق أقرب من هذين الحبلين، من هذين الوريدين في صفحتي العنق، ومنهم من يقول: الوريد عرق يتخلل جميع جسد الإنسان، وهو عرق خطر بحيث لو انفجر صارت الحياة مهددة، يقول:"والوريدان: عرقان بصفحتي العنق" لماذا ما قال: من حبلي الوريد؟ قال: حبل الوريد وهما عرقان؟ قد يذكر المفرد ويراد به الجنس، يعني مثل حديث:((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) عاتقه: المراد جنس العاتق، فيدخل العاتق الثاني، فهما العاتقان، بدليل الرواية الأخرى: ((ليس على