أقول: هذا التفسير المختصر جداً اشترك في تأليفه شخصان: أحدهما: جلال الدين المحلي، والثاني: جلال الدين السيوطي، ومن لقبيهما أُخذ اسم التفسير، جلال الدين، إيش تثنيت جلال؟ نعم فقيل: تفسير الجلالين، أولهما: جلال الدين المحلي، نترجم له باختصار، نقول: هو محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم المحلي الشافعي، ولد بمصر سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، واشتغل وبرع في الفنون، وكان -رحمه الله- آيةً في الذكاء والفهم، حتى قال بعض أهل عصره: إن ذهنه يثقب الماس، لكنه مع قوة هذا الفهم والذكاء قال عن نفسه: إنه لم يك يقدر على الحفظ، تعب أراد أن يحفظ كراسة من كتاب تعِب تعَباً شديداً، وأصيب بحرارة فترك الحفظ، نعم يوجد من الناس من يحفظ، لكن فهمه أقل، ويوجد العكس من يفهم، يكون فهمه دقيق، لكن حفظه أقل، ومن الناس من جمع الله له بين النعمتين، يحفظ ويفهم، ومنهم من حرمه الله من النعمتين، فالقسمة رباعية، وكان -رحمه الله- على درجةٍ من الصلاح والورع، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، لا تأخذه في الحق لومةُ لائم، وقد ألّف كتباً كثيرة غاية في التحرير والاختصار والتنقيح، وسلامة العبارة، وحسن المزج منها: شرح جمع الجوامع، شرح الورقات، شرح المنهاج للنووي، القسم الثاني من هذا التفسير، توفي في أول يوم من سنة أربعٍ وستين وثمانمائة، مترجم في كتب الشافعية المتأخرة، وأيضاً مترجم في طبقات المفسرين للداودي، وشذرات الذهب لابن العماد.
الثاني: السيوطي، وهو عبد الرحمن بن أبي بكر محمد خضيري السيوطي الشافعي، ولد سنة تسع وأربعين وثمانمائة، ونشأ يتيماً، قد مات والده وعمره خمس سنوات، وأخذ عن جمعٍ غفير من أهل العلم، كان آية في سرعة الفهم والتأليف، وأخبر عن نفسه أنه كان يحفظ مائتي ألف حديث، حتى قال: لو وجدت أكثر من هذا لحفظته، هذا عنده فهم وحفظ، وادعى لنفسه أشياء، منها أنه مجدد المائة التاسعة، وبينه وبين السخاوي ردود ومناقشات واتهامات، والله المستعان، كل منهما برز في شيء، فالسيوطي برز في كثرة المصنفات في جميع العلوم، فيما يخطر على بال، وما لا يخطر، ألف في كل شيء، زادت مصنفاته على الستمائة، منها ما هو في مجلدات، ومنها ما هو في ورقة.