"ويقال: تذريه ذرياً تهب به" الرياح تهب بالتراب فيتطاير منه ما يتطاير، ويبقى منه ما يبقى، وفي هذا التراب الذي يتعرض للرياح في جميع فصول السنة من الأعاجيب ما فيه، فتجد من الرمال ما هو ثابت، وتجد منه ما هو متحرك، القدرة الإلهية تجد أحياناً الخطوط نازلة، والرمال من عن يمينها وشمالها، ومع ذلك لا تتحرك الخط دائماً نظيف، وتجد خطوط مرتفعة والرمال عن يمنيها وعن شمالها، وتجد هذه الخطوط كثيراً ما تعلوها هذه الرمال، وإن كانت نازلة عنها، القدرة الإلهية شيء لا يستطيع الإنسان دركه، ولا التفكير به، يعني تجد رمل مرتفع فتأتيه الرياح ما يتحرك، ورمل منخفض تأتيه الرياح تنقله من مكان إلى مكان، وهذا مشاهد، الرياح تذرو التراب وغيره، تذرو أيضاً الحب، تذروه الرياح، إذا وضع في مكان بارز ومرت عليه الرياح أطارت ما علق به، وقد تستعمل الرياح هذه في ذرو الماء، الماء إذا أنتن وأجن من طول مكثه يعرض على هذه الرياح فيطيب طعمه، وتطيب رائحته، مثل ذرو العيش والحب يؤخذ منه بإناء ويرفع ويصب هذه الرياح تأتي إلى هذا الماء فتذهب بهذه الرائحة، فهذه الرياح من نعم الله -جل وعلا-، هذه الرياح من نعم الله -جل وعلا-، والرياح الممدوحة هي الرياح المجموعة، بخلاف الريح المفردة التي أرسلها الله -جل وعلا- عذاباً على بعض الأمم، وإذا هبت الرياح جاء الدعاء المأثور:((اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً)) لأن الرياح المتعددة والأعاصير إذا كانت متعددة ومن جهات يخفف بعضها بعضاً، بينما إذا كانت من جهة واحدة وصارت ريح واحدة لا شك أنها تدمر ما تمر به، والإنسان ضعيف، ورأينا في هذه السنوات الأخيرة ما صنعته هذه الرياح وهذه الأعاصير بأقوى الدول وأعتى الدول من النواحي المادية، دمرت عليهم أشياء لا تقدر أقيامها، ومع ذلك هم يزعمون أنهم لا يحصل شيء في بلادهم إلا تمكنوا من السيطرة عليه، ومع ذلك أعلنوا فلسهم، وخسروا الخسائر العظيمة، ووضعوا ورصدوا ما يكتشف الرياح قبل وقوعها ولم يفلحوا، وهذا يدل على أن البشر خلق من ضعف، مهما بلغ من حيث معرفته لظاهر الحياة الدنيا، فإنه لن ولم يعرف حقائق هذه الأمور بحيث يستطيع مقاومتها قبل حصولها، إنما يعرف الظاهر