في قوله -جل وعلا-: {إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} [(٣٣) سورة الشورى] هذه ريح، والسياق يدل على أن سكون هذه الريح ليس بمحمود، وليس من مصلحة الناس، وقلنا: إن الرياح هي المحمودة، والريح مذمومة، وهذه أغلبية لا كلية، يعني الرياح في البحار مجموعة لا شك أنها تعرض السفن والبواخر للهلاك، ومن فيها، إذا تقاذفتها الأمواج من كل وجه لا شك أنها تتعرض للهلاك، بينما إذا كانت ريح واحدة من جهة واحدة تدفعها إلى المقصود، هذه هي المحمودة بالإفراد، بينما لو كانت متعددة من جوانب متعددة صارت ضارة، {إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} [(٣٣) سورة الشورى] ومعروف أهمية الريح بالنسبة للسفن سلباً وإيجاباً، ابن جبير في رحلته لما قفل من الحج بعد سنتين من ذهابه على البحر لما قفل من الحج وركب من سواحل الشام إلى الأندلس مكث ستة أشهر، لماذا؟ لأن الرياح تتقاذف من كل جانب، ثم لما شارف الوصول إلى الأندلس جاءت ريح معاكسة فردته إلى سواحل الشام في زمن يسير، يعني ستة أشهر ذاهب إلى الأندلس ذهبت هباءً، وهذا يبين لنا القدرة الإلهية، وأن الإنسان لا بد أن يكون تعلقه بالله -جل وعلا- لا بآلته، الآلة ما تنفع بمفردها، لا بد أن يكون التعلق بالله -جل وعلا-، يعني هناك بواخر كبيرة الآن موجودة تحمل الملايين من الأوزان حسبما يقدرون، وأحياناً تحمل عشرة آلاف سيارة، ويكمل حملها بما أدري كم ألف طن من كذا، شيء ما يخطر على البال، ومع ذلك الضعف فيها ظاهر، وضعف من خلقها أو من صنعها أظهر لأدنى سبب يحصل فيها ما يحصل، ثم بعد ذلك تكون الكوارث، فليكن تعلق الإنسان بربه -جل وعلا-، نعم؟