العافية، نزل في أدبه الذي يزعمه نزولاً وأسفّ فيه إسفافاً جعل الجهال لا يقبلونه.
{يُؤْفَكُ} [(٩) سورة الذاريات] أي "يصرف {عَنْهُ} عن النبي –عليه الصلاة والسلام- والقرآن، أي عن الإيمان به {مَنْ أُفِكَ} صرف عن الهداية في علم الله تعالى"، {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [(١٠) سورة الذاريات] قتل الخراصون: يعني "لعن الكذابون أصحاب القول المختلف" الذين سبقت الإشارة إليهم: إنكم لفي قول مختلف، هؤلاء هم الخراصون الأفاكون، فقتل: لعن، والقتل يأتي بمعنى اللعن ((قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) يعني لعنهم، وجاء في الحديث الصحيح ((لعن المؤمن كقتله))، ((لعن المؤمن كقتله)) فهؤلاء قتلوا يعني لعنوا، الكذابون أصحاب القول المختلف، هم الخراصون الكذابون، وأهل الظن والحدس والخرص يتخرصون ويتخبطون ويكذبون أيضاً، " {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [(١٠) سورة الذاريات] لعن الكذابون أصحاب القول المختلف".
{الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ} [(١١) سورة الذاريات] في "جهل يغمرهم" يعني يغطيهم كما تغطي غمرات الماء العميقة من يدخل فيها، غمرة: جهل وغفلة وسهو عما خلقوا له من أمر الآخرة، {الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ} [(١١) سورة الذاريات] يعني في جهل يغمرهم.
{سَاهُونَ} [(١١) سورة الذاريات] "غافلون عن أمر الآخرة" ويدخل في هذا دخولاً أولياً الكفار الذين غفلتهم تامة، ويخشى على من غفل عما خلق له أن يخرج منه وهو لا يشعر، وإن كان ممن ينتسب إلى القبلة؛ لأن هذه الغمرات، وهذه الغفلة نسبية، يعني يدخل الماء الذي يغطي عقبيه ثم يقتحم إلى ركبتيه، ثم لا يلبث أن يغمره الماء فيغرقه، هذا الغافل عما خلق له، يغفل عن الواجبات، ثم يبتلى بارتكاب محظورات، ثم يعاقب بارتكاب ما هو أعظم منها إلى أن ينسلخ من دينه بالكلية، فهذه الغفلة وهذا السهو عما خلق له الإنسان لا شك أنه يعرض الإنسان للانسلاخ؛ ليكون من جنس أولئك الخراصين.