{إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ} [(١٦) سورة الذاريات] أي قبل دخول الجنة {مُحْسِنِينَ} محسنين لأعمالهم، والإحسان إحسان العمل المعول عليه في القبول {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [(٣٠) سورة الكهف] ما في من أكثر، لا، من أحسن، فالمعول على الإحسان {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} [(١٦) سورة الذاريات] قبل دخول الجنة محسنين في الدنيا، والإحسان يشمل العمل اللازم والعمل المتعدي، محسنين لصلواتهم، متقنين لها، مقيمين لها، محسنين لسائر عباداتهم من صيامهم وحجهم، محسنين أيضاً للأعمال المتعدية لزكواتهم، لكسبهم الأموال من حلها، وصرفها فيما يرضي الله -جل وعلا-، فالإحسان ملازم لهم في جميع تصرفاتهم، إنهم كانوا قبل ذلك، قبل دخول الجنة محسنين أي في الدنيا، ثم بين بعض أعمالهم.
{كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [(١٧) سورة الذاريات] كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون، يقول:"ينامون" والهجوع هو النوم الخفيف "ينامون، وما زائدة" يعني كانوا قليلاً من الليل يهجعون، زائدة يعني صلة كما يقول المفسرون كالطبري وغيره يقولون: صلة، ويريدون بذلك زائدة، لكن من الأدب أن لا يقال: زائدة؛ لأن القرآن مصون ومحفوظ من الزيادة والنقصان ولو باللفظ، يعني لا يقول قائل: إنها مادامت زائدة لماذا لا نمسحها؟ لو مسحتها كفرت، حتى الذي يقول: زائدة لو يمسحها كفر، إنما تزاد بعض الحروف دعامة للكلام، دعامة للكلام وتقوية له.