في حندس الظلم، وجاء في الحديث:((المسر بالقرآن كالمسر بالصدقة، والجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة)) وليس المراد فيما يظهر -والله أعلم- أن المسر بالقرآن الذي يقرأه بحيث لا يسمع، إنما يقرأه بحيث لا يرى، بحيث لا يرى لتتم المطابقة في التشبيه، الممدوح المتصدق الذي لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، وأما كون الإنسان يقرأ القرآن بين الناس وإن كانوا لا يسمعون لفظه، هذا لا شك أنه معرض، معرض للخدش، للرياء، بخلاف من يقرأ القرآن كما قال الشيخ:"لا سيما في حندس الظلم" وقد يحتف بهذا الأمر المفوق ما يجعله فائقاً فيتصدق علانية ليقتدى به، كما في حديث:((من سن سنة حسنة)) كما أن الذي يقرأ القرآن في السر وهذا هو الغالب من أحواله قد يعرض لقراءته علناً ما يجعله أفضل من قراءته في السر لا سيما إذا كان ممن يقتدى به، وحجة كثير من طلاب العلم حينما يقال لهم: لا نراكم تقرؤون القرآن؟ يقولون: ما نشوف شيوخنا يقرؤون القرآن، ما يدرون أن لهم نصيب وافر من قراءة القرآن، ومن القيام بالقرآن في الليل، لكن أيضاً هؤلاء الشباب لا بد لهم من قدوات، فإذا رأوا الشيخ يتقدم إلى الصلاة ويقرأ القرآن، ويتأخر بعد الصلاة ويقرأ القرآن اقتدوا به، فيضم إلى أجر قراءته القرآن أجر الاقتداء والاستنان به، وإن كان الأصل خلاف ذلك، لكن يبقى أنه كما قرر أهل العلم أنه يعرض للمفوق ما يجعله فائقاً، والمرجوح ما يجعله راجحاً، فالصدقة السر هي الأصل، والقراء في السر هي الأصل، لكن قد يكون بالنية الصالحة من أجل الاقتداء به يؤجر على الجهر بالشيء وعلى إعلان الشيء إضافة إلى أجره الأصلي أجر من يقتدي به ((من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة)) ونحن نرى الكبار من الشيوخ لا يُقرِئون القرآن، يقرئون العلوم من الحديث والفقه والعقيدة وسائر العلوم ولا نراهم في أيامنا الأخيرة يقرئون القرآن، كان الشيوخ الكبار أول ما يبدأ بالقرآن، فتجد كثير من طلاب العلم يأنف من إقراء القرآن، يقول: هذه وظيفة معلمي الصبيان، أو الكتاتيب أو ما أشبه ذلك، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول:((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) والله ما نشوف للشيخ فلان درس في القرآن، قد يقرأ