للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [(٤٧) سورة الذاريات] قادرون" يقال: آد الرجل يئيد قوي، وأوسع الرجل صار ذا سعة وقوة" ويريد أن يجعل الفعل هنا أوسع من اللازم؛ لأن لو قلنا: إن السعة هذه متعلقة بالسماء لقلنا: إنه من المتعدي، لموسعون خلقها، خلق هذه السماء، والمؤلف يرى أنها من أوسع الرجل اللازم، الذي لا يتعدى إلى المفعول بنفسه، وأوسع الرجل أي صار ذا سعة وقوة، لكن هذه السعة يدخل فيها دخولاً أولياً، ما جاء النص عليه في النص، يعني ما يذكر في النص دخوله فيه قطعي، يعني السعة هنا " {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [(٤٧) سورة الذاريات] في كل شيء، يعني قادرون على كل شيء، يعني لو تأملنا قليلاً ما ورد في النصوص، ضرس الكافر مثل جبل أحد، مثل الجبل العظيم ضرس، وما بين منكبي الكافر جاء فيه كذا وكذا، المقصود أن هذه الأمور تثبت سعة الله -جل وعلا- وقدرته على كل شيء، كل شيء قابل للتوسيع في قدرة الله -جل وعلا-، ومنها السماء المنصوص عليها في الآية، يعني دخولها في هذا العموم قطعي، أي "صار ذا سعة وقوة".

" {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا} [(٤٨) سورة الذاريات] مهدناها" لكي تناسب العيش عليها فهي مفروشة، يعني لو كانت الأرض كلها جبال لصعب العيش فيها، لكن الجبال إنما أوجدت لترسية الأرض {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} [(٣٢) سورة النازعات] ولذا إزالة هذه الجبال كما يفعل الآن لا شك أنه يعرض هذه الأرض لخلاف ما أوجدت الجبال من أجله، نعم لو وجد هناك ضرورة ملحة، وهذه الجبال عائقة في طريق المسلمين لا شك أن المسألة مصالح ومفاسد مترتبة عليها، كما قالوا في وجود مقبرة في طريق المسلمين هذه مسألة تقدر بقدرها، لكن كونها تزال من أجل حطام الدنيا هذا لا شك أنه ينافي الحكمة من إيجاد هذه الجبال، {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} [(٣٢) سورة النازعات] ينافي الحكمة من إيجاد هذه الجبال.

" {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا} [(٤٨) سورة الذاريات] مهدناها" جعل الأرض مهد يعني يلازمها الناس وغيرهم ممن يعيش على ظهرها، كما يلازم الطفل المهد، فهي ممهدة راسية ثابتة والأرض فرشناها مهدناها " {فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} [(٤٨) سورة الذاريات] نحن" فالمخصوص بالمدح محذوف تقديره: نحن.

<<  <  ج: ص:  >  >>