ثم قال:{كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا} [(٥٢) سورة الذاريات] كذلك مثل ما حصل من الأمم السابقة ومثل ما قيل لك يا محمد كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا: هو ساحر أو مجنون يعني لمن أرسل إليهم، كثير من الأمم كما مر في قول فرعون {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [(٣٩) سورة الذاريات] يعني لكل قوم وارث، تجد بعض الأمور يتوارثها الناس من غير توصية، من غير توصية، وإلا هل يقال: إن فرعون وقوم فرعون أوصوا قريش أن يقولوا كما قال -جل وعلا- منكراً:{أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [(٥٣) سورة الذاريات] يعني المسألة مسألة توارث، توارث من غير إيصاء، الآن كم بيننا وبين الجاهلية؟ مفاوز ألف وأربعمائة ويمكن كم؟ وثمان وثلاثين سنة، أو ألف وأربعمائة وأربعين سنة قبل بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ألف وأربعمائة وأربعين سنة أو واحد وأربعين سنة، نعيش الآن من مظاهر الجاهلية التي ذكرت في الكتب ما لم نطلع عليه في كتاب سابق، يعني هل وجدنا في كتب ذكرت عن لباس الجاهلية لنرثه عنهم؟ أبداً، الشيطان أوحى إلى الناس بأن نقع فيما وقعوا فيه، يقول القرطبي في تفسيره:"من مظاهر تبرج الجاهلية الأولى شق القميص من الجانبين" يعني هل هذا يخطر على بال مسلم حينما تلبس زوجته أو تلبس بنته مثل هذا أن الجاهلية أوصوه بهذا أو .. ؟ لا، لكنه الشيطان الذي ينقل هذه المخالفات من جيل إلى جيل ومن أمة إلى أمة و ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة)) وهنا يقول: كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا هو يعني محمد ساحر أو مجنون، أي مثل تكذيبهم لك بقولهم: إنك ساحر أو مجنون، تكذيب الأمم قبلهم رسلهم بقولهم ذلك، تجد من يتفوه بكلام تجده وقد سبق إليه بالحرف، الآن مما يكتب تجد أن الإنسان هذا مسبوق إليه، اطلع أو لم يطلع.