المريض يجد منه أشد منه مرضاً، وإذا نظر إلى المرض وأنه قد يكون منحة إلهية شكر الله -جل وعلا- على هذه النعمة أن جعله مسلم يصبر على الضراء فيؤجر عليها، فالمسلم مطالب بأن ينظر في أمور الدنيا إلى من هو أسفل منه؛ لئلا يزدري نعمة الله عليه، ولكن في أمور الدين ينظر إلى من هو أعلى منه؛ ليجد ويجتهد ويسعى في تكميل النقص الذي عنده، ولا يشبع مما يقربه إلى الله -جل وعلا-.
ويقال لهم، يقول المفسر:"ويقال لهم: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا} [(١٩) سورة الطور] حال {وَاشْرَبُوا هَنِيئًا} أي مهنئين"، {بِمَا} الباء سببية {كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}، الباء سببية {بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}، الباء سببية يعني بسبب ما كنتم تعملون، أولاً: دخول الجنة ((لن يدخل أحد الجنة بعمله)) كما جاء في الحديث الصحيح، ((قالوا: ولا أنت يا رسول الله، قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته)) فضلا عمن دونه -عليه الصلاة والسلام- ((لن يدخل أحد الجنة بعمله)) إن هذا العمل مهما كان، إذا قورن بنعمة واحدة من نعم الله -جل وعلا- رجحت به هذه النعمة، فلا يدخل أحد الجنة بعمله، لكن برحمة أرحم الراحمين.
وهنا يقول:{بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} والباء سببية، بسبب {مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} يعني هذا النعيم دخول الجنة بالرحمة، لكن هذا النعيم وهذا التفاوت بين الداخلين إنما هو بالأعمال، إنما يصنفون بأعمالهم وجاءت بذلك النصوص الكثيرة، وأما دخول الجنة أصله إنما هو برحمة أرحم الراحمين، {بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} من الأعمال الصالحة المقربة إلى الله -جل وعلا- وعلى رأسها التوحيد الذي لا يدخل الجنة إلا موحد, فالمشرك الجنة عليه حرام ومأواه النار.