على كل حال هذا القول مخالف لما جاء في كتاب الله -جل وعلا- {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [(٣٠) سورة الشورى] يعني ما ينزل مصيبة إلا بسبب ذنب، فإن لم يكن فلرفع درجات, وهذه الكوارث التي تحصل لاشك أنها بسبب الذنوب، قد يقول قائل: إن هناك من البلدان ومن المجتمعات ما هو شر من هذه البلدان التي أصيبت، الله -جل وعلا- لا يسأل عما يفعل وله الحكمة البالغة، وله المشيئة النافذة قد يعاقب أهل جهة ويترك من هو شر منهم؛ لما يدخره لهم من عذاب أشد.
والمؤمن هو الذي يصاب كخامة الزرع تثنيه الرياح وتعطفه من جهة إلى جهة، وأما الكافر فهو كالأرز ثابتة حتى إذا جاء يومها قصمت قصماً، فالنصوص كثيرة أن الابتلاء للمؤمنين، ولا يلزم أن يكون هم شر الناس يعني من ابتلي هم شر الناس، لا، ((أشد الناس بلاء الأنبياء)) إذا علم هذا فإنما هذه المصائب إنما هي لتكفير الذنوب أو لرفع الدرجات؛ لأنها تصيب هذا العاصي وتصيب غيره، فهذا العاصي تكفر ذنوبه، غيره ترفع درجاته، والعقوبات والمثلات إذا نزلت عمت -تعم الصالح والطالح-، ثم بعد ذلك يبعثون على نياتهم، وقد يوجد على وجه الأرض من هو شر منهم ولا تعجل لهم العقوبة؛ ليدخر لهم ما هو أعظم منها -نسأل الله السلامة والعافية-.
ومع ذلك يعني في وقت الكارثة وجمع المساعدات لا مانع من أن يذكر أهل البلدان بما حصل لأولئك؛ ليرتدعوا ويرعوا عن معاصيهم وغيهم وضلالهم ويعتبروا بغيرهم، لكن مع ذلك مع التأكيد على الحث على الإنفاق في هذا الباب، لا يفهم من كون هذه الكوارث وهذه المصائب بسبب الذنوب أنهم لا يستحقون الإعانة لا، يستحقون الإعانة؛ لأنهم مسلمون، فالمسلمون مستحقون للإعانة على أي حال ما دام في دائرة الإسلام، تصرف له حتى الزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام، وعلى كل حال لا يصحب هذا؛ لأن بعض الناس وهو يقول، إذ يقرر مثل هذا، أن هذا بسبب المعاصي كأنه مع يفهم من كلامه أن ما جاءهم بسببهم فلا يستحقون شيئا يتحملون مسؤوليتهم، هذا الكلام ليس بصحيح هم أصيبوا، وهو أخوانك بأمس الحاجة إلى مساعدتك، وعليك أن تدكر وتتعظ بما حصل له.