{أَمْ يَقُولُونَ} [(٣٣) سورة الطور] هؤلاء الكفار للنبي -عليه الصلاة والسلام- {تَقَوَّلَهُ} تقوله تفعل يعني تكلف في اختلاقه، وكذبه للقرآن، واختراعه من تلقاء نفسه، ومرة يلقى إليه، ومرة يتلقاه عن غيره، "اختلق القرآن والواقع أنه لم يختلقه"{بَل لَّا يُؤْمِنُونَ} استكباراً فإن قالوا: اختلقه" هو عربي من بيئتهم وعاش بينهم، وما انتقل إلى بلد أخر يتلقى عنه ما يتلقى، هو من بلدهم يعرفونه من ولادته إلى بعثته، يعني لو أن لك أخاً يسكن معك في البيت لمدة عشرين سنة، وتعرفه ما فارقك ولا فارق البيت وأنت معه سفر وحضر، ثم فجأة قال لك: إني أحسن اللغات، أجيد عشرة لغات من فين، متى، متى تعلمت؟ هم يعرفون حاله ما راح لا يميناً ولا يساراً، كيف يختلق مثل؟ هذا إن كان اختلقه وأنتم مثله، أنتم مثله في العربية، في الفصاحة، في البلاغة يعني -مستواكم ما يقل عنه-، إلا أنه -عليه الصلاة والسلام- أوتي جوامع الكلم، لكن مع ذلك من الذي آتاه جوامع الكلم هو الله -جل وعلا-، إن كنتم تصدقون بمثل هذا فأمنوا بمن آتاه جوامع الكلم، إن كنت تقولون أخترعه من تلقاء نفسه، فأنتم بمنزلته عرب تفهمون ما يقول، وتستطيعون أن تعبروا عما في أنفسكم بأعلى درجات الفصاحة والبلاغة فأتوا، {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ} [(٣٤) سورة الطور] ولو مختلق" من تلقاء أنفسهم، {مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ} [(٣٤) سورة الطور] في قولهم" إنه اختلقه، {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ} تحداهم بجميع القرآن، ويا الله تعاونو كلكم يا معشر العرب، أو يا معاشر العرب تعاونوا وأتونا بمثله، واستعينوا بالجن، تحداهم أن يأتوا بمثله فلم يستطيعوا، ثم تحداهم بعشر سور فلم يستطيعوا، ثم تحداهم بسورة واحدة فلم يستطيعوا، فإن قالوا: اختلقه {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ} مختلق {مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ} يعني في قولهم".