{أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [(٤٣) سورة الطور] {أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ} يعبد بحق، هم يعبدون غير الله -جل وعلا- هذا واقعهم، لهم آلهة، ولهم أصنام يعبدونها من دون الله، يدعون لها الربوبية ويصرفون لها حقوق الألوهية ويعبدونها، لكنها ليست بحق؛ لأنها لا تسمع، ولا تنطق، ولا تنفع، ولا تضر فكيف يصرف لها شيء من العبادة، وتترك عبادة الخالق الرازق النافع الضار المحيي المميت؟ لا شك أن هذا سفه، وقال عمرو بن العاص: لما سئل أين عقولكم حينما كنتم تعبدون التمرة، ثم إذا جعتم أكلتموها؟ فقال: قضى عليها باريها، أو أخذها باريها، العقل بمفرده لا يدرك، نعم الناس مفطورون على الفطرة، لكن إذا اجتالتهم الشياطين ضاعوا، إذا انحرفوا عن الفطرة، ولم يأتمروا بأمر سمعي، ولم يقتدوا بشرع فإن عقولهم لا تدلهم بل يبقون في الحيرة والضلال، وإذا كان ممن يدعي العلم، وممن ينتسب إلى الدين ظهرت عليه الحيرة مع أنهم من الأذكياء الكبار، وأعطوا ذكاء عظيماً، ولكن لم يعطوا ذكاء انحرفت بهم عقولهم، وتاهوا في الضلالات، والبدع، والخرافات، فجاءوا بأفعال لا يقرها عقل ولا نقل؛ لأن العقل إذا لم ينقد لزمام الشرع فإنه يضل صاحبه، الاسترسال مع العقل من غير نظر في نص، لا شك أنه متاهة ومضلة ومزلة قدم، ولذا كبار من أهل العلم أذكياء يقولون كلاماً ما يقوله ولا المجانين، يعني ما تصور أن مجنوناً يقول: سبحان ربي الأسفل، وقالها من قالها ولا يتصور أن أبله يقول: إن الأعمى في الصين يرى بقة الأندلس، يعني من أقصى المشرق إلى المغرب وهو أعمى لا يبصر يده، كل هذا بسبب البعد عن النصوص واستعمال الأقييسة والعقول في الغيبيات دون تقيد بنص، فعلى طالب العلم أن لا يتصرف إلا عن أثر أستمسك به؛ لئلا يضل كما ضلوا، ومع ذلك يكون ديدنه الهج بسؤال الله -جل وعلا- الثبات على دينه، {أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ} نعم يعبدون آلهة، لكنها إنما تعبد زوراً وبهتاناً وإن سموها آلهة فليست بآلهة، لا إله إلا الله لا إله غيره ولا رب سواه، فهو الذي خلق الخلق، وهو الذي أوجدهم، وهو الذي رزقهم، وهو الذي رباهم بنعمه، وهو المستحق