{إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [(٣٢) سورة النجم] واسع المغفرة: حيث يغفر هذا اللمم وهذه الصغائر ولو لم يتب منها بل بمجرد اجتناب الكبائر، مجرد فعل الطاعات مع سعة رحمة الله -جل وعلا- ومغفرته، وإلا فالأصل أن الإنسان محاسب بما يعمل مجزي به حتى الصغائر، لكن {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [(٣٢) سورة النجم] "بذلك وبقبول التوبة, ونزل فيمن كان يقول: صلاتنا، صيامنا، حجنا" يعني الذي في المجالس يتحدث: أنا والله صليت، أقوم الليل، أصوم النهار، أحج، أفعل، أترك، أتصدق، نزل في مثل هذا قول الله -جل وعلا-: {هُوَ أَعْلَمُ} [(٣٢) سورة النجم] هو أعلم: يقول المفسر: "أي: عالم" لماذا؟ {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ} [(٣٢) سورة النجم] يقول: أعلم بمعنى: عالم، أعلم أفعل تفضيل لماذا لا تبقى على بابها؟ وعالم ما فيها تفضيل ولا فيها مبالغة ولا فيها شيء من ذلك؛ لأن أفعل التفضيل تأتي لاثنين اشتركا في وصف أو أكثر، اشتركا في وصف فاق أحدهما الآخر في ذلك الوصف، يعني اشتركا في الوصف، إذا قلنا: أعلم أفعل تفضيل وهي على بابها أثبتنا أن مع الله -جل وعلا- من يعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض، يعلم مع الله -جل وعلا-، لكن الله -جل وعلا- فاق هذا الذي يعلم، لكن قالوا: عالم من أجل ألا يشاركه أحد؛ لأن أفعل التفضيل هذا مقتضاها، إذا قلنا: إنها على بابها قلنا: إنه يوجد من يشترك مع الله -جل وعلا- في العلم بمن أنشأ، أو بما أنشأ، أو إذ أنشأ يوجد من يشارك الله -جل وعلا- في هذه الصفة، لكن الله -جل وعلا- أعلم منه، ولذلك قال المفسر:{هُوَ أَعْلَمُ} [(٣٢) سورة النجم] "أي: عالم"{بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ} [(٣٢) سورة النجم] "أي: خلق أباكم" أنشأكم يعني أنشأ أصلكم من الأرض "أي: خلق أباكم آدم من التراب" أنشأكم من الأرض يعني: من التراب، خلق آدم من تراب بلا شك، والأرض والتراب يطلق ويراد بهما شيء واحد، وإن كان التراب جنس خاص مما يعلو على الأرض، {إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ} [(٣٢) سورة النجم] "أي: خلق أباكم آدم من التراب"، {وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} [(٣٢) سورة