قد يقول قائل: إن هذا الخمس التي لا يعلمها إلا الله-جل وعلا- والحصر إنما جاء في الحديث الصحيح، ((في خمس لا يعلمهن إلا الله)) وإلا قد ينازع من ينازع في الآية أنها لا تدل على حصر {إنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}، وإن كان تقديم المعمول على العامل يدل على الحصر مثل:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [(٥) سورة الفاتحة] يدل على الحصر، وقد يقول قائل: إن الأطباء الآن يعرفون ما في الأرحام، وإذا توصلوا بآلاتهم إلى معرفة ما في الأجنة فلا يبعد أن يصل الناس إلى معرفة وقت قيام الساعة، ما نفاه الله -جل وعلا- لا يمكن إثباته، لا يمكن إثباته حتى ولو قال الأطباء ما قالوا، يبقى أنه لا يعلم ما في الأجنة إلا الله-جل وعلا-، وعلى الكيفية التي يعملها الله-جل وعلا- لا يمكن أن يعرفها أحد، نعم إذا عرف الملك واطلع عليها الملك انتهى عند إرادة الغيب، إذا بلغ الأربعة الأشهر وأرسل إليه الملك انتهى يمكن أن يطلع عليه الأطباء هذا ما في إشكال، لكن قبل ذلك لا يمكن، وإذا اطلعوا عليه من جهة فلن يطلعوا عليه من جهات أخرى التي نفاه الله-جل وعلا- لا يمكن أن يطلعوا عليه، وأمة محمد -عليه الصلاة والسلام- أمة إتباع واثر واقتفاء حتى لو قالوا ما قالوا لا نصدقهم، والتصديق والتكذيب مرده إلى الشرع، مرده إلى مطابقة الشرع وعدم مطابقته، فإن طابق الشرع فهو صدق، وإن خالفه فهو كذب وإن كان مطابقاً للواقع، ولهذا لو ذهب أحد إلى كاهن وأخبره بما يطابق الواقع يجب عليه أن يقول: كذبت، أولاً: لا يجوز له أن يذهب، لكن إذ ذهب وأخبره بالواقع وذكر له القصة والحادثة بتفاصيلها كما هي في الواقع، يجب أن يقول: كذبت وهو كاذب في هذا وإن صدق؛ لأن المسألة مسألة شرعية يجب عليه أن يكذبه، والقاذف كاذب ولو رأي بعينه ما لم يأتي بالشهداء الأربعة.