{وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا} [(١٥) سورة القمر] "أبقينا هذ الفعلة" يعني خبر الطوفان خبر الغرق بقي يتناقله الناس إلى قيام الساعة، أو السفينة التي نجوا بسببها بقية إلى أن أدركها أوائل هذه الأمة كما يقول بعض المفسرين، {ولقد تركناها}"أبقينا هذه الفعلة"{آية}"لمن يعتبر بها أي شاع خبرها واستمر" نعم الأخبار والحوادث والوقائع الكبيرة يستمر الناس في نقلها، يتناقلونها جيلاً عن جيل لا تنسى، بخلاف الأخبار التي لا يهتم بها هذه تنسى، يتناقلها جيل عن جيل ثم تندرس، وإذا بقي الأثر بقي الذكر، {وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [(١٥) سورة القمر]، يعني على سبيل المثال أهل العلم على مر الأجيال يتناقل الناس أخبارهم، لا سيما لمن ترك أثراً كالتأليف مثلاً، يعني ما زلنا نذكر العلماء من القرن الثاني الذين ألفوا إلى يومنا هذا، لكن الذين ليس لهم تأليف ما ترك لهم آية ولا ترك لهم ذكر ولو كانوا كباراً، نعم يذكرهم طلابهم الجيل الذي بعدهم يذكرونهم، ثم طلابهم أيضاً يتناقلون بعض أخبارهم ثم تندرس أخبارهم، يعني هل ذكر الإمام البخاري مثل ذكر ابن واره؟ يعني هم في تعليل الحديث يمكن ما ينقص ابن واره عن البخاري، لكن تسأل ويش اسم ابن واره مجالس طلاب العلم، هل تعرف من أخباره شيئاً؟ والله ما أدري عنه شيء، هذا يدلنا على أهمية التأليف بالنسبة للعالم وبقاء أثره إلى قيام الساعة.
شوف العلماء المعاصرين يعني بعض شيوخنا ما له تأليف خلاص انتهى -يعني احنا نعرفهم-، لكن الذي بعدنا يمكن ما يعرفهم، أئمة كبار قبل ما أدركناهم أدركهم شيوخنا وتناقلنا أخبارهم، وما زالت أخبارهم على نطاق ضيق ثم تندرس خلاص، إذا ما لهم مؤلف يموت طلابهم وطلابهم ثم خلاص ينتهي ذكرهم.
فهذا يدلنا على أهمية الذكر بعد موت الإنسان، يعني تجد طالب علم له مؤلفات ولو مختصرات الكتب نفع الله بها مع صدق النية يتداولها الناس، وقال -رحمه الله تعالى-وفلان -رحمه الله تعالى-ما ينسى، لكن تجد عالم كبير جداً ما له مؤلفات ينسى، فالشيء بالشيء يذكر.