ثمانية أشياء هذه مستثناة من قوله:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [(٨٨) سورة القصص] وأما: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [(٢٦) سورة الرحمن] هذه لا يستثنى منها شيء، ولذا قال:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا} [(٢٦) سورة الرحمن] يعني: "الأرض من الحيوان"{فَانٍ} [(٢٦) سورة الرحمن] يعني "هالك، وعبر بـ (من) تغليباً للعقلاء" لأن (من) للعاقل و (ما) لغير العاقل، فقال:{كُلُّ مَنْ} [(٢٦) سورة الرحمن] قد يقول قائل: إن هذه تخصص بالعقلاء، فلا يعني أن غير العقلاء من الحيوانات تهلك وتفنى، لا، هنا قال:{مَنْ عَلَيْهَا} [(٢٦) سورة الرحمن] تغليب للعقلاء؛ لأنه لا بد أن يؤتى بـ (من) أو بـ (ما) لا بد أن يؤتى بـ (من) أو بـ (ما)، فإذا أتي بـ (من) غلبنا العقلاء، لا سيما وأنهم هم الذين يستفيدون من مثل هذا الكلام، لكن لو غلب غير العقلاء وهم أكثر وقيل: كل ما عليها فان لقال العقلاء: إننا لا ندخل في هذه الآية؛ لأن المقصود غير العقلاء، لكن إذا قيل:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [(٢٦) سورة الرحمن] العقلاء هم المعنيون بهذا الكلام، فلن يقولوا: إننا لن نفنى؛ لأنهم داخلون فيها دخولاً أولياً منصوص عليهم، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ يعني هل يمكن أن يقول قائل:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [(٢٦) سورة الرحمن] إننا لن .. ، {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا} [(٢٦) سورة الرحمن] وهي (من) هذه العقلاء نقول: لن نفنى هذا خاص بغيرنا؟ لا، أنتم تدخلون في هذا دخول أولي، نعم لو قيل: كل ما عليها فان لأمكن أن يقول العقلاء: نحن لا ندخل في هذا؛ لأن (ما) لغير العاقل ولذا غلبوا؛ لأنهم هم المعنيون بهذا، وأما من عداهم فلن يحتج لأنهم ليسوا بعقلاء، ويغلب العقلاء في كثير من المواطن لشرفهم على غيرهم.
{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [(٢٧) سورة الرحمن] يقول: "ذاته" وهذا فرار من إثبات الوجه لله -جل وعلا-، على ما يليق بجلاله وعظمته، ففي الآية إثبات الوجه لله -جل وعلا-، على ما جاء عنه وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وعلى ما يليق بجلاله وعظمته.