{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ} [(٢٧) سورة الرحمن] ذو: من الأسماء الخمسة، مرفوع بالواو، فهو حينئذٍ نعت للمضاف أو للمضاف إليه؟ للمضاف، وهذا بين واضح؛ لأن الإعراب بالحرف، لكن لو كان الإعراب بالحركة نعم، ما تدري، ما تدري إلا إذا وجدت الحركة، لكن لو قلت: مررت بغلام زيدٍ الفاضلِ، تستطيع أن تقول: إن هذا وصف للمضاف أو للمضاف إليه؟ ما تستطيع، لا تستطيع أن تقول: إنه وصف للمضاف أو للمضاف إليه لأن كلاهما مجرور، وهنا واضح أنه وصف للمضاف لأنه مرفوع والمضاف مرفوع، بينما في آخر السورة {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي} [(٧٨) سورة الرحمن] وصف للمضاف إليه، {ذِي الْجَلَالِ} [(٧٨) سورة الرحمن] و {ذُو الْجَلَالِ} [(٢٧) سورة الرحمن] وجه الرب -جل وعلا- ذو الجلال، والرب أيضاً ذو الجلال والإكرام، ذو الجلال: العظمة، والإكرام: للمؤمنين بأنعمه عليهم، الإكرام للمؤمنين ولغيرهم من بني آدم في الدنيا، {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [(٧٠) سورة الإسراء] وأما بالنسبة للآخرة فالإكرام خاص بالمؤمنين، الإكرام بالنعيم المقيم الذي لا يشوبه كدر، ولا يخالطه تنغيص هذا في الآخرة، بينما غيرهم من الكفار فهؤلاء لهم العذاب الدائم السرمدي الذي لا يشوبه أدنى نعيم، ولذا نعيم الدنيا مهما بلغ فلا بد من الشوائب، لا بد من المكدرات، طبعت على هذا، الدنيا، فلا نعيم إلا ويشوبه كدر، ولا بؤس ولا شقاء إلا ويتخلله نعيم في الدنيا، يعني هل وجد إنسان على وتيرة واحدة من ذو أن ولد إلى أن مات ما تكدر؟ أو يوجد إنسان من ولد إلى أن مات ما ضحك؟ ولو عاش في شقاء دائم وبؤس مستمر لا بد أن يتخلل شيء، وإنما الخالص من الأمرين من النعيم أو من العذاب إنما هو في الآخرة.