كيف؟ هو ما في شك أن الحجة الملزمة التي لا تجوز مخالفتها الإجماع، فهل حصل إجماع لنسد الباب على من جاء بعد هذا الإجماع؟ هذا الاتفاق؟ حصل إجماع وإلا لا؟ ما حصل إجماع، فمن أتى بقول وهو من أهل النظر، نظر في الأدلة فجاء بقول ولا هناك ما يعارضه ولا ما يخالفه، يعني أن الأمة في وقتٍ من الأوقات ظلت عن الحق، يعني شيخ الإسلام -رحمه الله- حينما قال بأن رضاع الكبير يحرم وينشر والحرمة للحاجة، قيّد قول عائشة نظراً لحال الواقعة التي حصلت، سالم مولى أبي حذيفة احتيج إليه فأرضع، وعلى هذا من عنده سائق يحتاج إليه يجعل أحد محارمه ترضع هذا السائق، ويرتاحون منه، أو نقول: إنه لا رضاع إلا في الحولين، ورضاع الكبير لا ينشر الحرمة ولا قيمة له ((إنما الرضاعة من المجاعة)) وغير ذلك من النصوص، التقييد بالحاجة ما قال به أحد، ولذا شيخ الإسلام تنقسم اختياراته إلى أربعة أقسام: القسم الأول عُد فيها أنه خالف فيها الإجماع، مسائل قال بها شيخ الإسلام وندر فيها المخالف حتى نسب إلى شيخ الإسلام أنه خالف الاتفاق، والقسم الثالث: خالف فيها الأئمة الأربعة كلهم، القسم الثالث: خالف المشهور من المذهب، الرابع: خالف المذهب، المقصود أن شيخ الإسلام وهو إمام من أئمة المسلمين، وإحاطته واطلاعه على أقوال العلماء من السلف والخلف من المعاصرين ومن تقدمهم، إضافةً إلى أحاطته بالنصوص، شيء لا يمكن أن يقدح به في مثل هذا المجال، حتى سئل محمد رشيد رضا في فتاويه عن شيخ الإسلام هل هو أعلم من الأئمة الأربعة أو هم أعلم منه؟ نعم، فصّل، فقال: لكونه تخرج على كتبهم، وكتب أتباعهم فلهم الفضل عليه من هذه الحيثية، وكونه أحاط بكلامهم كلهم، وكلام أتباعهم فهو أوسع منهم، وأشمل وأعلم من هذه الجهة، المقصود أن هذا يمكن أن يقال في غيره ممن جمع أطراف العلوم، لكن إحاطة شيخ الإسلام شيء لا .. ، مذهل، إحاطته بالأقوال من النصوص والآثار، وأقوال المخالفين، والأقوال التي قد لا يستطيع الإنسان ولا حكايتها من أهل الخلاف والشقاق.