يقول -رحمه الله- تعالى: سورة الواقعة مكية إلا آيتي واحد وثمانين واثنين وثمانين فمدنية، وآياتها ست وتسعون، أو سبعٌ وتسعون، أو تسع وتسعون، الاختلاف في هل هذه الآية مكية أو مدنية سهل، لكن يرد الإشكال في الاختلاف في عد الآيات؛ لأن بعض من يسمع أن آيات هذه السورة ست وتسعون، أو سبع وتسعون، أو تسع وتسعون، يظن أن هذه الآيات عند من يعدها ست وتسعين أن في المصحف زيادة على ما زاد عن ست وتسعين أو سبع وتسعين أو تسع وتسعين، ومن يقول هي تسع وتسعون يقول: المصحف فيه نقص عن عدده، والخلاف لا يرجع إلى زيادة في آيات ولا نقص في حروف ولا شيء من هذا، القرآن محفوظ من الزيادة والنقصان، {إِنّا نحْنُ نزّلْنا الذِّكْر وإِنّا لهُ لحافِظُون} [(٩) سورة الحجر]، وهناك قصة ذكرها الحافظ البيهقي في دلائل النبوة قال: إن يحيى بن أكثم القاضي دعا يهودياً إلى الإسلام فما استجاب، ما استجاب، بعد مضي سنة كاملة جاء مسلماً على يد القاضي يحيى بن أكثم، فسأله ما الذي جعله يتأخر في إسلامه سنة كاملة، قال: عمدت إلى التوراة فنسخت منها نسخاً قدمت فيها وأخرت في كثير من المواطن وزدت ونقصت نسخ، فذهب بها إلى سوقهم، -سوق اليهود- فباعها ما تأخر في بيعها تلقفوها واعتمدوها وأخذوا يقرؤونها ويعملون بما فيها، ثم عمد كذلك إلى نسخ نسخها من الإنجيل، وفعل فيها مثل ما فعل في التوراة قدم وأخر وزاد ونقص، فذهب بها إلى سوق النصارى فتلقفوها ما مكثت في يده ولا لحظة واعتمدوها وقرؤوها، وعملوا بما فيها وقد تصرف فيها، يقول: فعمدت إلى المصاحف نسختها، فغيرت فيها تغيير لا يكاد يطلع عليه يسير جداً، فذهبت بها إلى سوق المسلمين مريداً بيعها، فكل من رآها رماها في وجهي، قال: هذه نسخ محرفة؛ فعلمت أن هذا الدين محفوظ، وأنه من عند الله حقاً، فلما ذكر ذلك للقاضي يحيى بن أكثم حج بعد ذلك القاضي فالتقى بسفيان بن عيينة، فذكر له القصة، قال: ما نحتاج في هذا إلى أحد، هذا في كتابنا بالنسبة للقرآن {إِنّا نحْنُ نزّلْنا الذِّكْر وإِنّا لهُ لحافِظُون} [(٩) سورة الحجر] تكفل الله بحفظه لم يكل حفظه إلى أحد، وأما بالنسبة للكتب السابقة قال:{بِما اسْتُحْفِظُواْ} [(٤٤) سورة