وقوله: وهو العلامة؛ لأنه علامة على موجده، فالعالم هو ما سوى الله -سبحانه وتعالى- حادث، وكل حادث لا بد له من محدث وموجود، فهذه الموجودات وهذه المخلوقات علامة ودليل برهان على موجدها، كما أن الأثر يدل .. ، وكما أن البعرة تدل على البعير، فإذا وجدت أثراً لماشٍ على الأرض تجزم بأن هناك مسير، هناك من سار على هذه الأرض، وإذا وجدت بعرة بعيرة تجزم بأنه قد حل هنا بعير، يقول تعالى:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [(٣٥) سورة الطور] فلا يعقل أنهم خلقوا من غير خالق، ولا يتصور أنهم هم الخالقون لأنفسهم؛ لأن المعدوم لا يخلق ولا يوجد، فلا بد لهم من خالقٍ غيرهم، وهو الله -سبحانه وتعالى-، وجاء في حديث عن قصة جبير بن مطعم أنه لما سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في سورة المغرب من سورة الطور وصل إلى هذه الآية كاد قلبه يطير، حجة دامغة، حجة ملزمة {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [(٣٥) سورة الطور] كما جاء في المثل، وأن هناك سفينة كبيرة تجري في البحر على ظهرها ما على ظهرها من أنواع البضائع، وصنوف المأكولات والمركوبات والمشروبات وغيرها هذه لا بد لها من موجد، لا بد لها من صانع، وهذه المخلوقات لا بد لها من صانع؛ لأنها لا يتصور أن تخلق نفسها، ولا يتصور أنها وجدت هكذا من غير سبب، ومن غير موجود، لهذا يقول الشاعر: