wm Hov زمننا هذا الذى يشهد تراجعاً عن إنجاز المشروعات الكبرى؛ وتلك قصةٌ أخرى،لها تفصيلٌ يطول، وليس هذا موضعه.ضعه.
وأما الشامل فى الصناعة الطبية فهو ثالث الموسوعات الكبرى فى تاريخ الطب العربى / الإسلامى، بل الطِّبِّ الإنسانى بعامة. تحدَّى بها العلاء القرشى (ابن النفيس) قِصَر الزمان الإنسانى، ومحدودية القدرة الإنسانية! وقد كان العلاءُ امتداداً للتقاليد الطبية التى أرساها مِن قبله أعلامٌ من نوع الرازى وابن سينا وكانت صلته بالأخير أقوى، وشروحه على مؤلَّفاته أكثر (١) . غير أنَّ إقدامه على تأليف موسوعةٍ بحجم الشامل لا يفسِّره - فقط - كونه امتداداً لهؤلاء الأطباء العظام، وإنما لابد من النظر فى السياق التاريخى الذى انتمى إليه العلاء ولابد من تفحُّص اللحظة التاريخية التى عاشها. وفى هذا الإطار نقول:
لما اهتزَّ كرسى الخلافة العباسية تحت وطأة الشيخوخة العباسية، ومؤامرات القصور، وتهديدات المغول.. بدأت المجالسُ العلمية تنسرب من بغداد إلى الشام ومصر. كان ذلك منذ مطلع القرن السابع الهجرى، الذى وُلد العلاءُ فى السنة السابعة منه - بقرية القَرَشِ القريبة من دمشق - ولما كان العام المشئوم فى منتصف هذا القرن، أعنى سنة ٦٥٦ هجرية.. دخل هولاكو بغداد، فطمس وجهها على نحوٍ،لم يسمح لها باستعادة دورها من بعد ذلك: أبداً.
وازدهر العلمُ فى الشام ومصر، غير أن الشام ابتُليت آنذاك بالوقوع بين شِقَّى الرحى: المغول.. والصليبيين. ولم يكن الحالُ فى مغرب العالم الإسلامى
(١) يقول ابن فضل الله العمري، إن العلاء (ابن النفيس) شرح القانون في عشرين مجلداً، وكان يحفظ كليات القانون، وأنه: هو الذي جسَّر الناس على هذا الكتاب.. (ابن فضل العمري: مسالك الأبصار مخطوطة دار الكتب المصرية رقم ٩٩/ م تاريخ - مخطوطة أحمد الثالث رقم ٢٧٩٧/ج) وقد نشرنا هذا النَّصّ - محقَّقاً - في كتابنا: علاء الدين.. ص ٣٨ وما بعدها.