للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثاني في طَبِيعَتِهِ وأَفْعَاِله علَى الإِطْلاَقِ

لما كان الحريرُ مركَّباً من أجزاءٍ مائية، وأجزاءٍ أرضية، وأجزاءٍ هوائية وأجزاءٍ نارية؛ وجب أن يكون مزاجه قريباً جداً من الاعتدال، لأن أجزاءه هذه تتقاوم، فلا تستولى طبيعةٌ منها استيلاءً تاماً (١) قوياً.

ولولا ذلك، لكان يظهر فيه الطعمُ اللازم لغلبة واحدٍ من هذه الأجزاء كالعفوصة والمرارة اللازمتين للأرضية، والحرافة والحدة اللازمتين لغلبة النارية. ومع ذلك، فيجب أن يكون الإبريسم مع قربه من الاعتدال، مائلاً إلى الحرارة واليبوسة. أما الميل إلى الحرارة، فلأمرين. أحدهما: أن (٢) ما يلزم الحرارة من الكيفيات، فإنه فيه أظهر، وذلك كالإشراق والبريق (٣) ؛ فإن البرودة تنافى ذلك ويلزمها الكمودة ونحوها. وثانيهما: أن خِلْقة الحرير، إنما هى لتكون تدفيئاً لدود القزِّ، وما يُخلق للإدفاء (٤) ، فلابد وأن يكون مائلاً إلى الحرارة.

وأما الميلُ إلى اليبوسة. ونعنى (٥) بذلك، أنه كذلك باعتبار تأثيره فى بدن


(١) :. تام.
(٢) :. انما.
(٣) هـ: علك الزتون (!) إذا اكتحل به، نفع من غشوات العين، ونقَّى وسخ القروح المتولدِّة في الحجاب.
(٤) ن: للأدواء.
(٥) ن: يعني.