للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثالث في فِعْلِه في أَعْضَاءِ الرَّأْسِ

لما كانت أرضيةُ الأُرْزِ خفيفةً متخَلْخِلَةً، فهى - لامحالة - قابلة للتصعُّد بالحرارة. فلذلك، إذا سخن باطن البدن باجتماع الحارِّ الغريزى (١) فيه - وذلك عند النوم - وكان فى المعدة وما يقرب منها شئٌ من الأُرْزِ، فإنه تتصعَّد (٢) منه أجزاءٌ كثيرةٌ، وهذه الأجزاء المتصعِّدة لابد وأن يكون لونها أبيض، لأن بياض الأُرْز إنما يفارقه إذا تم انهضامه (٣) فى الكبد وما بعدها (٤) ؛ فلذلك إذا أُكل الأُرْزُ


(١) الحارَّ الغريزي عند العلاء (ابن النفيس) هو: الرطوبة الغريزية التي تقوم بها الحرارة الغريزية. وفي شرحه على الفصول يفنِّد العلاء ابن النفيس أقوال الأطباء في هذا الموضوع، بعدما يورد أقوالهم. وذلك حين يتوقَّف في شرحه للعبارة الأبقراطية وأما الشيوخ، فالحارُّ الغريزي فيهم قليل عند معنى الحار الغريزي فيقول ما نصه: اختلف الأولون في حرارتيْ الصبيِّ والشاب أيهما أشد؟ واختلقوا أيضاً في الحرارة الغريزية، فقيل: هي مزاج الروح، وقيل: هي مزاج البدن كله، وقيل: هي الحرارة النارية العنصرية، وقيل: إنها من نوع الحرارة الغريبة، وقيل: الحرارةُ واحدةٌ، ولكنها بالنسبة إلى فعلها في مادة الغذاء بالإنضاج والهضم وغير ذلك تسمَّى غريزية، وبالنسبة إلى فعلها في المادة عفناً وفساداً تسمَّى غريبة. وهذه الأقوال كلها فاسدة.. لأن.. إلخ (راجع تفصيل الأمر في: شرح فصول أبقراط، بتحقيقنا، ص ١٢٨) .
(٢) :. يتصعد.
(٣) ن: انهاضمه.
(٤) كان الأطباء القدامى - كما يظهر من عبارة العلاء - يعتقدون أن الغذاء يمر في عملية الهضم بالكبد، ثم ينصرف منه إلى الأمعاء. وهذا عجيبٌ، والأعجب أن يقول به العلاء (ابن النفيس) الذي قام - كما بيَّنَّا في بحوث سابقة - بعمليات تشريح دقيق، عرف خلالها الكثير من وظائف وطبائع أ؟ ضاء الجسم.