وهكذا كان السيوطى حلقةً من حلقات المشروع المصرى لحفظ ذاكرة الأمة وتدوين ثقافتها - فى أَجَلِّ الصفات وأدق التفصيلات - وهو ما نجح علماءُ مصر فى تحقيقه، بجهودٍ تأليفية جبارة.. لولاها، لكان تراثنا قد انطمس.
جاء الشاملُ إذن، كحلقة كبرى من حلقات مشروع حضارىٍّ كبير تبنَّته مصر منذ أواسط القرن السابع الهجرى، سعياً لحفظ ذاكرة الأمة وتدوين علومها.. ومن هنا، كان على العلاء - رئيس الأطباء - أن يصوغ المعرفة الطبية فى عصره، صياغتها الأخيرة، المكتملة، بعد خمسة قرون من تطور الطب العربى / الإسلامى، وعلى نحوٍ لم يتم تجاوزه، ولو بعد قرونٍ من حياة العلاء.
مَخْطُوَطاتُ الشَّامِلِ
بدأتُ قبل عشر سنوات، فى جمع مخطوطات الشامل من مكتبات العالم وكان ظَنِّى المتفاءل، يرجِّح أن تكون أغلب النسخ الخطية من الكتاب محفوظةً بمصر، خاصةً مع ما ذكره ابن فضل الله العمرى من أنه: شاهد المجلدات الثمانين فى البيمارستان المنصورى بالقاهرة. غير أنها لم تكن سوى أُمنية والأمانى كما يقولون: خوادع! إذ لم يكن بمصر غير جزئين فقط من الكتاب كلاهما محفوظ بدار الكتب المصرية، التى ذكر فهرسها البدائى المعمول به حالياً خمس مخطوطات من الشامل ثم اتضح لى أن ثلاثة منها، مصورات. فكان رصيد دار الكتب المصرية من مخطوطات موسوعتنا، هو الآتى:
١ - مخطوطة رقم ٦٠٥٧/ل، ناقصة من أولها وآخرها، ومنسوبة فى الفهرس لغياث الغيث - وسوف نعود للكلام عنه بعد قليل - وتضم مقدمة الشامل، والكتب الثلاثة الأولى من الفن الأول.