للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جامدة، فلذلك كان هضمه عسراً أيضاً، ولكنه أقبل للانهضام من القشر، لأن جوهر القشر شديد اليبوسة، وهذا اللحم كثير المائية. وكذلك تغذيةُ هذا اللحم بعد انهضامه، أكثر من تغذية القشر، لأن جوهر هذا اللحم أنسب إلى الغذائية من جوهر القشر، لأجل نارية القشر ومائية هذا.

وإذا انهضم لحمُ الأُتْرُجِّ ولَّد خِلْطاً غليظاً، ولذلك هو من المسمِّنات. وهو ردئ الغذاء، عَسِرُ الخروج، مولِّدٌ للقولنج (١) . وإذا طُبخ هذا اللحم، أو أُجيد مضغه، أو رُبِّىَ بالعسل ونحوه؛ كان أسرع هضماً مما ليس كذلك، كما قلنا (٢) فى القشر المربَّى (٣) بالعسل (أنه) (٤) أسلمٌ وأقلُّ ضرراً، لأجل تلطيفه بالعسل.

ويفارق هذا اللحمُ القشْرَ، بأن هذا إذا لم ينهضم سريعاً، وَلَّدَ الرياحَ والنَّفْخَ كثيراً، ولا كذلك القشر. وذلك لأن تولُّد الرياح النفخ، إنما يكون من الدخانية، وهى إنما تحدث كثيراً، إذا خالط الأرضية مائيةٌ تصعِّدها - كما قلناه مراراً - وأرضية القشر، ليس يخالطها مائيةٌ كثيرة، بل نارية. ولا كذلك، أرضية اللحم.

وإذا أُكل هذا اللحم بالأبزار (٥) الحارة الكثيرة، كان أقبل للهضم، وقلَّت


(١) القولنج مرضٌ معوىٌّ مؤلم، يتعسَّر معه خروج ما يخرج بالطبع. والقولنج كما يقول ابن سينا الذي عانى منه في حياته، وتوفي به: هو اسمٌ لما كان السبب فيه - في الأمعاء الغلاظ - قولون فما يليها، وهو وجعٌ يكثر فيها لبردها.. فإن كان في الأمعاء الدقاق فالاسم المخصوص به بحسب التعارف الصحيح، هو إيلاوس ولكن ربما سُمى إيلاوس في بعض المواضع قولنجاً لشدة مشابهته له (القانون في الطب ٤٥٣/٢) .
(٢) ن: قلناه.
(٣) :. والمربى.
(٤) -:. .
(٥) جمع بزر، وهو: كل حَبٍّ يبرز للنبات (لسان العرب ٢٠٧/١) أما البذر فهو أول ما يخرج من الزرع والبقل والنبات (لسان العرب ١٨٠/١) .