للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلَّت الرياح فى الدماغ، قَلَّ حدوث الصرع أو فُقِدَ، وذلك لأنَّا سنبيِّن أن أكثر حدوث الصرع إنما هو عن الرياح التى تحصل فى الدماغ، ولا تجد منفذاً تخرج منه من الدماغ سوى مسام الأعصاب. وينفع هذا الدواء للصرع السوداوى أكثر؛ وذلك لأجل كثرة إخراجه للسوداء.

ولما كان الدماغ باردَ المزاجِ رَطِبَهُ، لاجَرَم لم يكن فى الأَفْتِيموُنِ إضرارٌ به إلا أن يكون شديد الحرارة، وحينئذٍ قد يحدث عن الأَفْتِيموُنِ صداعٌ حارٌّ أو سَهَرٌ ونحو ذلك. وأما الأعصابُ، فإنها تنتفع بالأفتيمون؛ وذلك لأجل تعديله لمزاجها؛ فلذلك كان الأَفْتِيموُنُ نافعاً من التشنُّج (١) الامتلائى (٢) ، وذلك إذا لم يكن الامتلاء فى الأعصاب كثيراً جداً؛ فإنه - حينئذٍ - لأجل تسخينه قد يحرِّك تلك المادة الكثيرة الآتية (٣) للعصب، فيكون بذلك مُزيداً فى التشنُّج.

وكثير (٤) من الناس قد يعرض له (٥) عند شرب الأَفْتِيموُنِ ما يُسمُّونه بالعقال وهو تشنُّج ريحى يذهب سريعاً (٦) ؛ وذلك لأجل تحريكه ما يكون فى أعصاب هؤلاء من الرطوبات، وإحالته لها رياحاً، لأجل حرارته.


(١) ن: الشنج.
(٢) :. الامتلاء. والتشنُّج الامتلائى، هو الحادث عن امتلاء الجسم بالمواد الضارة.
(٣) :. الآلية.
(٤) :. وكثيراً.
(٥) ن: لهم.
(٦) راجع ما ذكرناه فى كتابنا: علاء الدين (ابن النفيس) إعادة اكتشاف، ص ٥٥ وما بعدها. حيث ردَدنا قول المؤرِّخ (ابن فضل الله العمرى) إنَّ العلاء كان: قليل البصر بالعلاج لأنه لم يعالج عقالاً فى يد أبى الثناء الحلبى، وأن العلاء نفسه كان به عقالٌ ولم يداوه وقد رددنا الأمر بأن (العقال) هو تشنجٌ ينحل فى الغالب، سريعاً. وكان مرجعنا فى ذلك (القوصونى: قاموس الأطباء، مخطوطة الظاهرية ص ١٥) وها هو العلاء يؤكِّد هذا المعنى هنا، فيتأكد لنا أن عدم مسارعته إلى علاج (العقال) يشهد بوفور علمه بالعلاجات، ولا يدل على: قلة بصره بالعلاج كما ادَّعى ابن فضل الله العمرى.. ناهيك عما نراه هنا - فى أجزاء الشامل - من تبحُّرهِ فى الصفات العلاجية للمفردات. فتدَّبر.