وَهِمَ أَنَّهُ وَصْفٌ فَقَالَ: لَعَلَّهُ مِنْ قَبِيلِ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ، وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: أَيْ بَيَاضِهِمَا، وَبَرِيقٌ مُصْدَرٌ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ، وَفِيهِ أَنَّ الْبَيَاضَ لَوْنُ الْأَبْيَضِ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، قَالَ مِيرَكُ: وَفِي رِوَايَةِ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ عَوْنٍ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ سَاقَيْهِ. وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَآخِرُهُ صَادٌ مُهْمَلَةٌ، الْبَرِيقُ، لَا مَصْدَرَ ثَمَّ فِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِحْبَابِ تَقْصِيرِ الثِّيَابِ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِيمَا يَخُصُّهُ مِنَ الْبَابِ. (قَالَ سُفْيَانُ) : وَالْمُطْلَقُ مِنْ هَذَا الِاسْمِ يُرَادُ بِهِ الثَّوْرِيُّ كَمَا إِذَا أُطْلِقَ الْحَسَنُ فَهُوَ الْبَصْرِيُّ وَإِذَا أُطْلِقَ عَبْدُ اللَّهِ فَهُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ. (أُرَاهَا) : عَلَى صِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْمَجْهُولِ الْمُتَكَلِّمِ وَحْدَهُ، يَعْنِي أَظُنُّ الْحُلَّةَ الْحَمْرَاءَ. (حِبَرَةً) : وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ «نُرَاهُ» عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ الْمُتَكَلِّمِ مَعَ الْغَيْرِ، أَيْ نَظُنُّهُ، وَتَذْكِيرُ الضَّمِيرِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الْحُلَّةِ ثَوْبًا، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَهَذَا الظَّنُّ لَا يُفِيدُ حُرْمَةَ الْأَحْمَرِ الْبَحْتِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ مُسْتَنَدًا يَصْلُحُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ. فَمَدْفُوعٌ بِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ سَيَأْتِي صَرِيحًا فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْآتِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالظَّنِّ الِاعْتِقَادَ، وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ الِاسْتِنَادِ، نَعَمْ، يُؤَيِّدُهُ تَقْيِيدُهَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِالْحِبَرَةِ.
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ) : بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ الْأُولَى وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ وَالرَّاءِ، وَهُوَ مُنْصَرِفٌ كَجَعْفَرٍ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، وَضُبِطَ فِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى عَدَمِ الصَّرْفِ، وَلَعَلَّ عِلَّتَهُ الْأُخْرَى الْعُجْمَةُ. (أَخْبَرَنَا) : وَفِي نُسْخَةٍ «أَنْبَأَنَا» . (عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ) : مِنْ بَيَانِيَّةٌ. (أَحْسَنَ) : تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ. (فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ) : لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلتَّقْيِيدِ. (مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : مُتَعَلِّقَةٌ بِأَحْسَنَ. (إِنْ كَانَتْ جُمَّتُهُ) : بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، أَيْ شَعْرُ رَأْسِهِ وَإِنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الْمُثَقَّلَةِ
وَيَدُلُّ عَلَيْهَا اللَّامُ الْفَارِقَةُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ النَّافِيَةِ فِي قَوْلِهِ: (لَتَضْرِبُ) : أَيْ لَتَصِلُ. (قَرِيبًا مِنْ مَنْكِبَيْهِ) : أَيْ بِاعْتِبَارِ جَانِبَيْهِ، قَالَ مِيرَكُ: وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ بِمِنًى عَلَى بَعِيرِهِ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ أَحْمَرُ. وَسَنَدُهُ حَسَنٌ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ نَحْوَهُ، قَالَ: فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ جَوَازُ لُبْسُ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: الْجَوَازُ مُطْلَقًا لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ. الثَّانِي: الْمَنْعُ مُطْلَقًا لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرٍو قَالَ: رَأَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهُمَا» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ: فَقُلْتُ: أَغْسِلُهُمَا؟ ، قَالَ: «بَلِ احْرِقْهُمَا» . وَالْمُعَصْفَرُ هُوَ الَّذِي يُصْبَغُ بِالْعُصْفُرِ، وَغَالِبُ مَا يُصْبَغُ بِهِ يَكُونُ أَحْمَرَ ; وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُفَدَّمِ، وَهُوَ بِالْفَاءِ وَشَدِّ الدَّالِ، وَهُوَ الْمُصَبَّغُ بِالْعُصْفُرِ. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ رَافِعِ بْنِ يَزِيدَ الثَّقَفِيِّ، رَفَعَهُ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يُحِبُّ الْحُمْرَةَ فَإِيَّاكُمْ وَالْحُمْرَةَ وَكُلَّ ثَوْبٍ ذِي شُهْرَةٍ» . وَأَخْرَجُهُ ابْنُ مَنْدَهْ، وَأَدْخَلَ فِي رِوَايَةٍ لَهُ بَيْنَ الْحَسَنِ وَرَافِعٍ رَجُلًا، فَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ وَبَالَغَ الْجَوْرَبَانِيُّ فَقَالَ: إِنَّهُ بَاطِلٌ. وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ، وَحَسَّنَهُ الْبَزَّارُ أَيْضًا عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ قَالَتْ: كُنْتُ فِي بَيْتِ زَيْنَبَ أُمِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute