للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُصَغَّرًا، وَلَا يَصِحُّ وَهُوَ رَاوِي حَدِيثِ: كُلُوا الزَّيْتَ، إِلَى آخِرِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ فِي التَّقْرِيبِ: أَبُو أَسِيدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَدَنِيُّ الْأَنْصَارِيُّ، قِيلَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ لَهُ حَدِيثٌ وَالصَّحِيحُ فِيهِ فَتْحُ الْهَمْزَةِ، قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُوا الزَّيْتَ) أَيْ مَعَ الْخُبْزِ، وَاجْعَلُوهُ إِدَامًا، فَلَا يُرَدُّ أَنَّ الزَّيْتَ مَائِعٌ، فَلَا يَكُونُ تَنَاوُلُهُ أَكْلًا، وَلَا الِاعْتِرَاضُ بِعَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ لِلْبَابِ (وَادَّهِنُوا بِهِ) أَمْرٌ مِنَ الِادِّهَانِ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ، وَهُوَ اسْتِعْمَالُ الدُّهْنِ وَأَمْثَالُ هَذَا الْأَمْرِ

لِلِاسْتِحْبَابِ لِمَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ، وَأَبْعَدَ الْحَنَفِيُّ حَيْثُ قَالَ: إِنَّهُ لِلْإِبَاحَةِ، وَيَرُدُّهُ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ: (فَإِنَّهُ) أَيْ لِأَنَّ الزَّيْتَ يَحْصُلُ (مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) يَعْنِي زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ، يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمَسَّهُ نَارٌ، ثُمَّ وَصَفَهَا بِالْبَرَكَةِ لِكَثْرَةِ مَنَافِعِهَا وَانْتِفَاعِ أَهْلِ الشَّامِ بِهَا كَذَا قِيلَ.

وَالْأَظْهَرُ لِكَوْنِهَا تَنْبُتُ فِي الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا لِلْعَالَمِينَ، قِيلَ: بَارَكَ فِيهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيَلْزَمُ مِنْ بَرَكَةِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ بَرَكَةُ ثَمَرَتِهَا، وَهِيَ الزَّيْتُونُ، وَبَرَكَةُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنَ الزَّيْتِ وَكَيْفَ لَا وَفِيهِ التَّأَدُّمُ وَالتَّدَهُّنُ، وَهُمَا نِعْمَتَانِ عَظِيمَتَانِ وَقَدْ وَرَدَ: عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الشَّجَرَةِ الْمُبَارَكَةِ زَيْتَ الزَّيْتُونِ، فَتَدَاوَوْا بِهِ، فَإِنَّهُ مُصَحِّحَةٌ مِنَ الْبَاسُورِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الطِّبِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ سَبْعِينَ دَاءً مِنْهَا الْجُذَامُ.

هَذَا وَمُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِلْبَابِ، أَنَّ الْأَمْرَ بِأَكْلِهِ يَسْتَدْعِي أَكْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، أَوْ يُقَالُ: الْمَقْصُودُ مِنَ التَّرْجَمَةِ مَعْرِفَةُ مَا أَكَلَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا أَحَبَّ الْأَكْلَ مِنْهُ.

(حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ) بِفَتْحِ الْمِيمَيْنِ بَيْنَهُمَا سَاكِنٌ (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عُمَرَ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ أَبِي أَسِيدٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُهُ: كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ طَيِّبٌ مُبَارَكٌ.

وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الطِّبِّ عَنْهُ، وَقَالَ: فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ سَبْعِينَ دَاءً مِنْهَا الْجُذَامُ (قَالَ أَبُو عِيسَى) يَعْنِي الْمُصَنِّفَ (وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ) أَيْ مِنْ جُمْلَةِ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِلَا وَاوٍ، وَإِنْ كَانَتْ مَحْمُولَةً عَلَى الِاسْتِئْنَافِيَّةِ (كَانَ) وَفِي نُسْخَةٍ وَكَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ (يَضْطَرِبُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ) أَيْ فِي إِسْنَادِهِ (فَرُبَّمَا) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ بِالِاضْطِرَابِ هُنَا (أَسْنَدَهُ) أَيْ: أَوْصَلَهُ وَرَفَعَهُ كَمَا سَبَقَ (وَرُبَّمَا أَرْسَلَهُ) أَيْ فَحَذَفَ الصَّحَابِيَّ كَمَا سَيَأْتِي، وَكَانَ حَقُّ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُؤَخِّرَ هَذَا الْكَلَامَ إِلَى إِيرَادِ الْأَسَانِيدِ بِالتُّهَمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْمَرَامِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُضْطَرِبَ عَلَى مَا فِي جَوَاهِرِ الْأُصُولِ هُوَ الَّذِي يَخْتَلِفُ الرُّوَاةُ فِيهِ، فَيَرْوِيهِ بَعْضُهُمْ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>