السَّلْمَانِيُّ) بِفَتْحِ السِّينِ، وَسُكُونِ اللَّامِ، وَيُفْتَحُ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي سَلْمَانَ قَبِيلَةٌ مِنْ مُرَادٍ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنِّي لَأَعْرِفُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ) أَيْ: عَنْ عُصَاةِ الْمُؤْمِنِينَ (خُرُوجًا) مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ (رَجُلٌ) قِيلَ اسْمُهُ جُهَيْنَةُ بِصِيغَةِ التَّصْغِيرِ أَوْ هَنَّادٌ الْجُهَنِيُّ (يَخْرُجُ مِنْهَا زَحْفًا) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ بِغَيْرِ لَفْظِهِ أَوْ حَالٌ أَيْ: زَاحِفًا، وَالزَّحْفُ: الْمَشْيُ عَلَى الِاسْتِ مَعَ إِشْرَافِ الصَّدْرِ، وَفِي رِوَايَةٍ حَبْوًا بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ الْمَشْيُ عَلَى الْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ أَوِ الرُّكْبَتَيْنِ أَوِ الْمَقْعَدِ، وَلَا تَنَافِي بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا قَدْ يُرَادُ بِهِ الْآخَرُ أَوْ أَنَّهُ يَزْحَفُ تَارَةً، وَيَحْبُوا أُخْرَى (فَيُقَالُ لَهُ انْطَلِقْ) أَيْ: اذْهَبْ (فَادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ: فَيَذْهَبُ لِيَدْخُلَ) أَيِ: الْجَنَّةَ لِكَيْ يَدْخُلَهَا أَيْ: فَيُسْرِعُ لِيَدْخُلَهَا (فَيَجِدُ النَّاسَ قَدْ أَخَذُوا الْمَنَازِلَ) فَيُقَالُ لَهُ أَتَذْكُرُ الزَّمَانَ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ أَيْ: فِي الدُّنْيَا، وَالْمَعْنَى أَتَقِيسُ زَمَنَكَ هَذَا الَّذِي أَنْتَ فِيهِ الْآنَ بِزَمَنِكَ الَّذِي كُنْتَ فِي الدُّنْيَا إِنَّ الْأَمْكِنَةَ إِذَا امْتَلَأَتْ بِالسَّاكِنِينَ لَمْ يَكُنْ لِلَّاحِقِ مَسْكَنٌ فِيهَا (فَيَقُولُ نَعَمْ ; فَيُقَالُ لَهُ تَمَنَّ) أَيْ: مِنْ كُلِّ جِنْسٍ، وَنَوْعٍ تَشْتَهِي مِنْ وُسْعِ الدَّارِ، وَكَثْرَةِ الْأَشْجَارِ، وَالثِّمَارِ ; فَإِنَّ لَكَ مَعَ امْتِلَائِهَا مَسَاكِنَ كَثِيرَةً، وَأَمَاكِنَ كَبِيرَةً، وَجَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلُّهَا عَلَى طَرِيقِ خَرْقِ الْعَادَةِ بِقُدْرَةِ الْمَلِكِ الْغَفَّارِ (قَالَ: فَيَتَّمَنَّ) أَيْ: فَيَسْأَلُ مَا يُعَدُّ مُحَالًا (فَيُقَالُ لَهُ ; فَإِنَّ لَكَ الَّذِي تَمَنَّيْتَ وَعَشَرَةَ أَضْعَافِ الدُّنْيَا) أَيْ: وَلَا تَقِسْ حَالَ الْأُخْرَى عَلَى الْأُولَى فَإِنَّ تِلْكَ دَارُ ضِيقٍ، وَمِحْنَةٍ وَهَذِهِ دَارُ سِعَةٍ، وَمِنْحَةٍ (قَالَ) أَيْ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَيَقُولُ) أَيْ: مِنْ غَايَةِ الْفَرَحِ، وَالِاسْتِبْشَارِ، وَنِهَايَةِ الِانْبِسَاطِ وَطَيِّ بِسَاطِ الْأَدَبِ مَعَ الْجَبَّارِ (أَتَسْخَرُ) أَيْ: تَسْتَهْزِئُ (بِي) وَفِي نُسْخَةٍ بِالنُّونِ بَدَلَ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ لَكِنَّ الْأُصُولَ الْمُعْتَمَدَةَ، وَالنُّسَخَ الْمُصَحَّحَةَ عَلَى الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ
وَعَكَسَ ابْنُ حَجَرٍ الْقَضِيَّةَ تَبَعًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ، وَجَعَلَ النُّونَ أَصْلًا ثُمَّ قَالَ: وَفِي رِوَايَةٍ أَتَسْخَرُ بِي، وَالْأُولَى أَفْصَحُ، وَأَشْهَرُ، وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ.
قِيلَ وَعِنْدِي تَسْخَرُ بِالْبَاءِ لِتَضَمُّنِهُ مَعْنَى تَهْزَأُ قُلْتُ أَمَّا لُغَةً فَفِي الْقَامُوسِ سَخِرَ مِنْهُ وَبِهِ كَفَرِحَ هَزِئَ ; فَهَاتَانِ لُغَتَانِ فَصَيْحَتَانِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَفْصَحَ هُوَ مَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ، وَقَدْ جَاءَ بِالْأَوْلَى مِنْهُمَا حَيْثُ قَالَ تَعَالَى فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ - وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ وَلَا نَعْرِفُ فِي الْقُرْآنِ تَعْدِيَتَهُ بِالْبَاءِ، وَلَا بِنَفْسِهِ مُطْلَقًا، وَلَا فِي اللُّغَةِ هَذَا الْمَعْنَى نَعَمْ جَاءَ سَخَرَهُ كَمَنَعَهُ سِخْرِيًّا بِالْكَسْرِ وَيُضَمُّ، كَلَّفَهُ مَا لَا يُرِيدُ وَقَهَرُهُ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، وَلَا مِرْيَةٍ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فِي هَذَا الْمَقَامِ، فَالْقَوْلُ بِكَوْنِهِ أَفْصَحَ، وَأَشْهَرَ خَطَأٌ رِوَايَةً، وَدِرَايَةً وَالْقَوْلُ بِالتَّضَمُّنِ مُسْتَدْرَكٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ لِتَحَقُّقِهِ لُغَةً، فَرِوَايَةُ النُّونِ تُحْمَلُ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ، وَالْمَعْنَى أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي (وَأَنْتَ الْمَلِكُ) أَيْ: وَالْحَالُ إِنَّكَ الْمَلِكُ الْعَظِيمُ الشَّأْنِ عَظِيمُ الْبُرْهَانِ وَأَنَا الْعَبْدُ الذَّلِيلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute